تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال:" خَتَم الله الآية بقوله: {عَلِيماً حَكِيماً}؛ مع أنّ المتوقع أنْ يقول: تَوَّابًا رحيما؛ والحِكْمَةُ مِن ذلكَ هي بيانُ أنّ الله يعْلَمُ مَن يستحقُّ التوبةَ مِمّنْ لا يستحقُّها، ويضعها في محلّها؛ لأنّه سيأتي حالٌ لا تُقْبلُ فيها التوبة،فناسبَ أنْ يُبَيِّنَ أنّ توبتَهُ على هؤلاءِ مبْنيّةٌ على عِلْمٍ وحكمةٍ "

ـ[روضة]ــــــــ[30 Sep 2006, 02:55 م]ـ

الدكتوران الأحمدان .. د. أحمد بزوي، ود. أحمد البريدي،

جزاكم الله خيراً على المرور والتعليق، وزادكم علماً ونفع بكم.

°ˆ~*¤®§ (*§*) §®¤*~ˆ°******°ˆ~*¤®§ (*§*) §®¤*~ˆ°

سر اختيار (الرحمن) و (الرحيم) مقترنين في الفاصلة القرآنية

يتحتم عليّ في البداية أن أبيّن المعنى الدقيق لهذين الاسمين المشتقين من الرحمة، وبيان الفروق بينهما، ثم دراسة الآيات التي ختمت بهذين الاسمين مقترنين.

قال ابن فارس: "الراء والحاء والميم أصل واحد يدل على الرقة والعطف والرأفة، يقال في ذلك: رحمه يَرْحمه، إذا رقّ له وتعطّف عليه" (1).

"والرحمة مأخوذة من الرحم؛ وذلك لأن الرحم منعطفة على ما فيها، وهذا بالنسبة إلى الله تعالى كناية عن إنعامه وإحسانه على خلقه" (2)، "فإذا وصف به الباري تعالى، فليس يراد به إلا الإحسان المجرد دون الرقة، وعلى هذا رُوي أن الرحمةمن الله إنعام وإفضال، ومن الآدميين رقة وتعطّف" (3).

إذن، اسما (الرحمن) و (الرحيم) يشتركان في أصل المعنى وهو الدلالة على الإحسان والإنعام، إلا أن هناك فرقاً بين الاسمين؛ ذلك أنه لا ترادف في القرآن كما تقرر من قبل، وقد لاحظ ابن عباس رضي الله عنه هذا الفرق، حيث قال: "هما اسمان رفيقان، أحدهما أرفق من الآخر" (4).

وهذا ما وضحه الزمخشري في الكشاف، قال: "في الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم، ولذلك قالوا: رحمن الدنيا والآخرة، ورحيم الدنيا، ويقولون: عن الزيادة في البناء لزيادة المعنى" (5).

ولا يطلق (الرحمن) إلا على الله تعالى، لا مطلقاً ولا مضافاً؛ إذ هو الذي وسع كل شيء رحمة وعلماً، و (الرحيم) يُستعمل في غيره، وهو الذي كثُرت رحمته، وقيل: (الرحمن) عام، و (الرحيم) خاص، وقيل: (الرحمن) الذي الرحمة وصفه، و (الرحيم) الراحم لعباده، ولهذا يقول تعالى: "وكان بالمؤمنين رحيماً"، "إنه بهم رؤوف رحيم"، ولم يجئ: رحمن بعباده، ولا رحمن بالمؤمنين، مع ما في اسم (الرحمن) الذي هو على زِنة فَعلان من السَّعة، ألا ترى أنهم يقولون: غضبان، للمتلئ غضباً ... فبناء (فعلان) للسعة والشمول (6).

وعلى هذا القول الأخير يمكن القول إن (الرحمن) صفة ذات؛ فهي صفة قائمة به سبحانه، و (الرحيم) صفة فعل تتعلق بالمرحومين، وهذا ما ذهب إليه ابن القيم (7)، واستدل بالآيتين السابقتين، بينما خالفه الإمام محمد عبده والشيخ الشعراوي (8) رحمهم الله جميعاً.

قال الإمام: "إن صيغة (فعلان) تدل على وصف (فََعلى)، فيه معنى المبالغة، كـ (فعّال)، وهو في استعمال اللغة للصفات العارضة كعطشان وغضبان وغرثان، وأما صيغة (فعيل)، فإنها تدل في الاستعمال على المعاني الثابتة، كالأخلاق والسجايا في الناس، كعليم وحليم، وحكيم وجميل، والقرآن الكريم لا يخرج عن الأسلوب العربي البليغ في الحكاية عن صفات الله عز وجل التي تعلو عن مماثلة صفات المخلوقين، فلفظ (الرحمن) يدل على من تصدر عنه آثار الرحمة بالفعل، وهي إفاضة النِّعم والإحسان، ولفظ (الرحيم) يدل على منشأ هذه الرحمة والإحسان، وعلى أنها من الصفات الثابتة الواجبة، وبهذا المعنى لا يُستغنى بأحد الوصفين عن الآخر، ولا يكون الثاني مؤكداً للأول، فإذا سمع العربي وصف الله ـ جل ثناؤه ـ بالرحمن، وفهم منه أنه المفيض للنِّعم فعلاً، لا يعتقد منه أن الرحمة من الصفات الواجبة له دائماً، لأن الفعل قد ينقطع إذا لم يكن عن صفة لازمة ثابتة، وإنْ كان كثيراًً، فعندما يسمع لفظ (الرحيم) يكمل اعتقاده على الوجه الذي يليق بالله تعالى ويرضيه سبحانه، ويعلمُ أن لله صفة ثابتة هي الرحمة التي عنها يكون أثرها، وإن كانت تلك الصفة على غير مثال صفات المخلوقين، ويكون ذكرها بعد (الرحمن) كذكر الدليل بعد المدلول ليقوم برهاناً عليه" (9).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير