تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله بها من سلطان} (3) لتحريرها من السلطان ابتداء، وبيان علة بطلانها، وهي كونها لم تصدر من ذلك المصدر الوحيد الصحيح». (4)

11 - ويقول مفسرا قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اوفوا بالعقود} (5) إن «المقصود بالعقود هو كل ضوابط الحياة التي قررها الله، وفي اولها عقد الإيمان بالله، ومعرفة حقيقة ألوهية -سبحانه-، ومقتضى العبودية بألوهيته، هذا العقد الذي تنبثق منه وتقوم عليه سائر العقود، وسائر الضوابط في الحياة، وعقد الإيمان بالله، والاعتراف بألهوية وربوبيته، وقوامته ومقتضياته، هذا الاعتراف من العبودية الكاملة، والالتزام الشامل والطاعة المطلقة، والاستسلام العميق، هذا العقد أخذه الله ابتداء على آدم -عليه السلام- وهو يسلمه مقاليد الخلافة في الأرض بشرط وعقد هذا نصه القرآني {قلنا اهبطوا منها جميعا، فإما يأتينكم مني هدى، فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (1). فهي خلافة مشروطة باتباع هدى الله الذي ينزله في كتبه على رسله ... ولقد تكرر هذا العقد - أو هذا العهد- مع ذرية آدم وهو بعد في ظهور آبائهم، كما ورد في السورة الأخرى {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم. وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا: بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين او تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون} (2). فهذا عقد آخر مع كل فرد» (3).

12 - وقد يستعين ببعض آي الذكر الحكيم في تفسير آية يثير حولها أعداء الإسلام ـ من المستشرقين أو المستغربين - بعض الشبهات، من ذلك ما جاء في تفسيره لقوله تعالى {ولتنذر أم القرى ومن حولها} (4): «وليس المقصود كما يتصيد أعداء الإسلام من المستشرقين، أن تقصر الدعوة على أهل مكة ومن حولها، فهم يقتطعون هذه الآية من القرآن كله، ليزعموا أن محمد ? ما كان يقصد في أول الأمر أن يوجه دعوته إلا إلى أهل مكة وبعض المدن حولها، وانه إنما تحول من هذا المجال الضيق الذي ما كان خياله يطمح في أول الأمر إلى أوسع منه، فتوسع في الجزيرة كلها، ثم هم أن يتخطاها لمصادفات لم يكن في أول الامر على علم بها، وذلك بعد هجرته إلى المدينة وقيام دولته بها، وكذبوا .. في القرآن المكي، وفي اوائل الدعوة، قال الله سبحانه لرسوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا} (1). ولعل الدعوة يومذاك كانت محصورة في شعاب مكة يحيط بها الكرب والابتلاء» (2).

13 - وقد يعمد سيد قطب إلى القرآن الكريم لترجيح قول من الأقوال، أو رأي من الآراء في تفسير آية قرآنية اختلف العلماء في تفسيرهان ومثال ذلك ما جاء في تفسيره لقوله تعالى في سورة النجم {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} (3) بعد أن اورد كثيرا من الأحاديث المرفوعة والموقوفة: « ... عن أبي هريرة رضي الله عنه (أراه رفعه) في {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم}، قال: اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعودن واللمة من السرقة ثم يتوب ولا يعود، واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود، قال: فذلك الإلمام. وروى مثل هذا موقوفا على الحسن، فهذه طائفة أخرة من الأقوال تحدد معنى اللم تحديدا غير الأول.

والذي نراه أن هذا القول الأخير أكثر تناسبا من قوله تعالى بعد ذلك {إن ربك واسع المغفرة}. فذكر صحة المغفرة يناسب أن يكون اللمم هو الإتيان بتلك الكبائر والفواحش ثم التوبة، ويكون الاستثناء غير منقطع، ويكون الذين أحسنوا هم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا أن يقعوا في شيء منها، ثم يعودوا سريعا ولا يلجوا ولا يصروا، كما قال سبحانه: {والذين إذا فعلوا فاحشة وظلموا ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} (1). وسمى هؤلاء "المتقين"، ووعدهم مغفرة وجنة عرضها السماوات والأرض، فهذا هو الأقرب إلى رحمة الله ومغفرته الواسعة» (2).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير