تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[10 May 2007, 07:41 م]ـ

أخي أبا العالية

اطلعت على كتابك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يبارك في علمك ووقتك وجهدك.

وأعترف بقلة زادي في هذا الموضوع، حيث لم أطلع في السابق على بحوث فيه، وكنت أكتفي بأقوال وعموميات سمعتها أوقرأتها.

وعند الاطلاع على بحثك هذا، تولدت لدي بعض الملاحظات والتساؤلات أود عرضها عليك، رغبة في مزيد الفهم والبيان.

وبداية، أود الإشارة إلى أمرين:

- أولهما: أن حيرتي في مسألة العلاج بالقرآن ازدادت بعد الاطلاع على كتابك هذا. وقد كانت لدي رغبة صادقة في مساعدة زميلي المسيحي الذي ذكرته في أول هذه المداخلة، لمعرفتي بطبيعة معاناته ومبلغها، غير أنني عزمت على التريث قليلا حتى أجد لنفسي إجابات مريحة ومقنعة، وأتأكد من صحة ما سأحاول تطبيقه عليه.

- وثانيهما: التأكيد على أن بعض هذه الملاحظات (وليس كلها)، ناتجة عن حواراتي مع هذا الزميل. والحوار بين مؤمنَيْن، كما تعلم، لا يأخذ نفس منحى الحوار الجاري بين مؤمن وغير مؤمن. وإن كنت أعرض بعض التساؤلات في قالب (شبهة) فمرد ذلك رغبتي في أن أجد من الأدلة والشروح ما يزيد الفكرة وضوحا لدي.

وسأحوم في تساؤلاتي حول موضوع رئيسي وحيد، يتعلق بمدى قراءة القرآن أو الرقية في شفاء الأمراض البدنية. أما فوائد الرقى في الوقاية (أو العلاج) من السحر ومس الجن، والأمراض النفسية (القلق، الاضطراب النفسي ... ) فلعل النصوص الشرعية أوضح في بيان أثر ذلك.

1 - لا شك في أن الاستقراء التام للنصوص الشرعية في هذا الموضوع، يساعد على الإلمام بكل جوانبه. فهل جمعت في كتابك كل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في الموضوع؟

2 - من خلال النصوص الشرعية حول موضوع العلاج وطلب الشفاء، سواء بواسطة الطب الدنيوي، أو بالدعاء، أو بالقرآن، نتبين أن مداره حول الموازنة بين الدعوة إلى الصبر على البلاء، وبين الرغبة في الشفاء.

ويبدو لي أن النصوص الشرعية في ذلك تحدث نوعا من الحيرة و التشاكس في الأفكار والرغبات لدى المريض. لأنها تحدد له الأجر الكبير الناتج عن الصبر على البلاء، والرضى بقدر الله. وفي ذات الوقت تؤكد له إمكانية الشفاء عن طريق الدعاء والرقية الشرعية.

فهل يمكن اعتبار الدعاء والاستشفاء رحمة من الله تعالى، يسوقها لمن ليس له طاقة على التحمل والصبر، ولا يلجأ إليها إلا في الحالات القصوى من البلاء، وبالتالي فالأولى عدم التطبيب لمن له صبر؟

وكيف يتم التوفيق بين ذلك وبين أحد مقاصد الشريعة: حفظ النفس والحياة؟

بعبارة أخرى: ما هو الحد الفاصل بين الصبر وبين تعريض النفس إلى التهلكة؟

3 - ذكرت في الصفحة 58 من كتاب (الرقية الشرعية)، أن الناس:

"في الأمراض ينقسمون إلى أقسام _كما أنهم في العافية كذلك_. قسم أمراضه حسية، وثانيه أمراضه عصبية أو نفسية عقلية وأحلاهما مر! وثالث مرضه روحي (شيطاني). فالأول: يشفيه عقاقير الأطباء في الغالب بعد حوله الله وقوته. والثاني: مثل أوله، بيد أنه قد يخرج عن المألوف، ويصبح مرضه غير معروف، فتجرَّب عليه تجارب الأطباء المنكر منها والمعروف. والثالث: فلا يكون علاجه إلا بكلام رب العالمين. ومن بحث عن غيره فقد أخطأ السبيل، وما عليه تعويل، سوى القال والقيل! ".

ويستشف من هذا أن الرقية والدعاء وقراءة القرآن لا يفيدان في الأمراض الحسية. وهو مخالف لما يفهم من قولك الذي يأتي مباشرة بعد ذلك:

"ولكثرة ما يعرض للناس من أمراض وعلل وعوارض تعرف منها وتنكر، شرع ربنا الاستشفاء بكلامه وبسنة نبيه _صلى الله عليه وسلم_ لمن اشتكى من مرض أو علة بدنية أو نفسية أو عارض عين، أو حسد أو مس أو سحر، فكلامه هو الشفاء والرحمة."

فالحديث هنا يشير إلى فائدة القرآن والدعاء والرقية في العلل البدنية (الحسية).

4 - لم أطلع في النصوص الشرعية ما يفيد بأثر قراءة القرآن في شفاء الأمراض البدنية، سوى حديث الصحابة الذين رقوا ملدوغا من أحد القبائل. فهل هناك حالات أخرى غير اللدغ تم شفاؤها بقراءة القرآن أو الرقية؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير