أولاً: أنّه لا يُتعبّدُ بلفظهِ،بمعنى أنّكَ لا تَتعبّدُ بتلاوتهِ، فلو كانَ كلامَ الله لفظًا لكانَ مُتعبّدًا بتلاوتهِ كالقرآنِ.
ثانيًا: أنّه لو كانَ مِن كلامِ الله لفظًا لَجازتْ قراءتهُ في الصلاةِ كالقرآنِ.
ثالثًا: أنّه لو كانَ مِن كلامِ الله لفظًا لكانَ مُعجزًا كالقرآنِ.
رابعًا: أنّه لو كانَ مِن كلامِ الله لفظًا لكانَ أعلى سندًا مِن القرآنِ؛ لأنّ سندَ القرآنِ فيهِ بينَ الرسولِ ? وبينَ ربِّهِ ? جبريلُ ?، وهذا يقولهُ الرسولُ ? عن الله مُباشرةً كما يظهر مِن لفظهِ،ولا يُمكن أنْ يكونَ الحديثُ القدسيُّ أعلى سندًا مِن القرآن.
وقالَ بعضُ أهل العلمِ: إنّنا نقولُ كما قالَ النبيُّ ? [قالَ الله]، ولا نبحثُ هل لفظهُ مِن كلامِ الله أو مِن كلامِ النبيِّ ?.
ولكنّ القرآنَ لا شكَّ أنّهُ أعلى مِن الأحاديثِ القدسيةِ بالاتِّفَاقِ؛لأنّه يتعلّقُ به أحكامٌ لا تتعلّقُ بالأحاديثِ القدسيةِ ". ()
وفي مَوضعٍ آخر قال:" ومرتبةُ الحديثِ القُدْسِيِّ بينَ القرآنِ والحديثِ النبويِّ، فالقرآنُ الكريمُ يُنسب إلى الله لفظًا ومعنىً، والحديثُ النبويُّ يُنسب إلى النبيِّ? لفظًا ومعنىً، والحديثُ القُدْسِيُّ يُنسب إلى الله تعالى معنىً لا لفظًا، ولذلكَ لا يُتعبَّدُ بتلاوةِ لفظهِ ولا تُقرأُ في الصلاةِ، ولم يحصلُ به التحدِّي، ولم يُنقل بالتواترِ كما نُقلَ القرآنُ، بل مِنه ما هو صحيحٌ وضعيفٌ ومَوضوعٌ ". ()
هذا رأيُ الشيخِ ابن عثيمين في الفرقِ بينَ القرآنِ والحديثِ القُدْسِيِّ، وخلاصتهُ ما يلي:
1 - القرآنُ لا يَمسُّهُ إلاّ طاهرٌ، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
2 - القرآنُ لا يقرؤهُ الجُنُبُ، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
3 - كُفر مَن أنكر حرفًا واحدًا مُجْمعًا عليه مِن القرآنِ، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
4 - القرآنُ لا يصحُّ بيعه على رأيِ الأكثر، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
5 - القرآنُ لا يُسافَرُ به إلى أرض العدوِّ، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
6 - القرآنُ يُقرأ في الصلاةِ، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
7 - القرآنُ مُعْجِزٌ ووقعَ به التحدِّي، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
8 - القرآنُ مُتعبَّدٌ بتلاوتهِ، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
9 - القرآنُ مَنقولٌ كُلُّهُ بالتواترِ، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ، بل مِنه الصحيحُ والضعيفُ والمَوضوعُ.
10 - القرآنُ تكفّلَ الله بِحفظه، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
11 - القرآنُ لا تجوزُ روايته بالمعنى، بخلاف الحديثِ القُدْسِيِّ.
12 - القرآنُ نَزَلَ بواسطةِ جبريلَ ?، والحديثُ القُدْسِيُّ بروايةِ الرسولِ ? مباشرةً عن الله تعالى.
13 - القرآنُ لفظهُ ومعناهُ مِن عند الله تعالى، أمّا الحديثُ القُدْسِيُّ فمعناه مِن الله تعالى؛ ولفظهُ مِن الرسولِ ?. ()
ولِي معَ ما ذكره الشيخُ رحمه الله الوقفاتُ التاليةُ:
الوقفةُ الأولى: الفروقُ العشرةُ الأُولَى لا إشكالَ فيها، والمخْتَلَفُ فيه مِنها نَبَّهَ الشيخُ رحمه الله على رُجحانِه عنده.
الوقفةُ الثانيةُ: الفرقُ الحادي عشر؛وهو جوازُ روايتهِ بالمعنى كالحديثِ النبويِّ لأنَّ كِلاهُمَا وَحْيٌ غيرُ مَتْلُوٍّ، بخلاف ِالقرآنِ فهو وَحْيٌ مَتْلُوٍّ؛ ولأنّ المرادَ بالحديثِ القدسيِّ والحديثِ النبويِّ ما اشتملتْ عليه مِن المعاني دونَ التعبُّدِ بلفظِهَا؛ ولذا فالمجيزونَ لروايةِ الحديثِ بالمعنى وهم الأكثرُ اشترطوا عدمَ التعبُّدِ بلفظِهَا، فأمّا ما تُعبِّدَ بلفظها كالأذكارِ () فهذه لا تُروَى بالمعنى؛ وإنّما يُحمل اختلافُ ألفاظها على تنوّعِ صفاتها، فيتعبّدُ بكلِّ لفظٍ واردٍ فيها، قال الزرقانيُّ:" أمّا الحديثُ القُدْسِيُّ والحديثُ النبويُّ فليستْ ألفاظهما مَناط إعجازٍ ولهذا أباحَ الله روايتهما بالمعنى ولم يمنحهما تلكَ الخصائصَ والقداسةَ الممتازة التي منحها القرآنَ الكريمَ تخفيفًا على الأمّةِ ورعايةً لمصالحِ الخلقِ في الحالينِ مِن مَنحٍ ومَنعٍ ". ()
¥