نسخ زيد القرآن العظيم في صحائف من الرق ذات طول واحد وعرض واحد، مرتبة بين دفتين، وربطها بخيط وأودعها بيت الخليفة أبي بكر، فلما توفاه الله انتقلت الصحائف إلى الخليفة عمر، ثم إلى ابنته السيدة حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنهم أجمعين- قال علي رضي الله عنه: " رحمة الله على أبي بكر، كان أعظم الناس أجراً في جمع المصاحف، وهو أول من جمع بين اللوحين " .. وهكذا تغيرت الصورة التي كان عليها القرآن الكريم إلى صورة جديدة ذات مظهر حسن جميل.
لقد كتب زيد القرآن العظيم بنفس الخط والإملاء الذي كتب عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويجب أن نعلم أن العرب في هذه الفترة الزمنية كانوا يكتبون بنوعين من الخط، خط لين يميل إلى السهولة والاستدارة يسطرون به الرسائل والأمور اليومية، مثل رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين وعامل كسرى عليها، وفيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم:
من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى، سلام عليك، فأني أحمد الله إليك الذي لا إله غيره، وأشهد ألا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله، أما بعد:
أذكرك الله -عز وجل- فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، ومن يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وإن رسلي قد أثنوا عليك خيراً، وإني قد شفعتك في قومك، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه، وعفوت عن أهل الذنوب فأقبل منهم، وأنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك، ومن أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية".
وأما النوع الثاني من الخط والذي كان سائداً فهو يابس جاف، يميل إلى التربيع والزوايا، يطلق عليه اسم: الخط المزوي، وتسطر به الشئون الجليلة العظيمة، وهو ما كتبت به الصحائف، وأطلق على نوع الخط هذا اسم الخط المكي فالمدني فالكوفي.
وهو أقرب ما يكون إلى صورة المصاحف الكوفية التي تختزنها متاحف العالم اليوم، كهذه الوثيقة التي يحتفظ بها المتحف البريطاني، وهي صفحة من القرآن الكريم من سورة " يس " من الآية الرابعة وحتى الآية الحادية والعشرين.
وهكذا تستمر الكتابات والآيات بالخط المكي المائل إلى قوله تعالى:
? اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ? [سورة يس، الآية 21].
لأول مرة ظهرت كلمة: مصحف بعد أن جمع القرآن بين دفتين في عهد الخليفة أبي بكر --رضي الله عنه- وكان سالم بن معقل المتوفي سنة اثنتي عشرة للهجرة أول من أطلق على كتاب الله -عز وجل- هذه اللفظة والتسمية.
المصدر: قناة المجد الوثائقية / رحلة القرآن العظيم (1) ( http://majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=11606&lang=#top)
علماً أنه يمكنك من خلال موقع القناة مشاهدة هذه الحلقات، وحفظها أيضاً بصيغة وورد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 May 2007, 08:32 ص]ـ
هنا بقية الحلقات: رحلة القرآن العظيم ( http://majddoc.com/main.aspx?function=Category&id=245&lang=) .
وليت أحد الأعضاء الكرام يتكرم بنقلها هنا متسلسلة مع تنسيقها بشكل جميل، فقد يتوقف ذلك الموقع فنفقد تلك الحلقات. شكر الله لمن يتفضل بعمل ذلك مقدماً.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[13 Aug 2007, 05:39 م]ـ
رحلة القرآن العظيم (2)
امتدت الفتوحات في عصر سيدنا عمر وسيدنا عثمان -رضي الله عنهما- وكثر الداخلون في الإسلام دين الله الحنيف: ? إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ? [سورة النصر].
وازدادت حاجة الداخلين إلى معرفة تعاليم الدين الجديد، فظهرت المصاحف في الأمصار من إملاء كبار الصحابة الذين كانوا يعلمون القرآن بلهجاتهم قراءاتهم السبع، التي أجاز لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- القراءة بها تيسيرًا عليهم.
فكان أن ظهر الخلاف بين المتعلمين الذين يتلقون القراءة، وصار كل واحد يتطاول على أخيه بقراءته، ويخال أن قراءته هي الأصح.
كما وقع الخلاف في جيش الفتح على أرض أرمينية، وتشاجر الجند فيما بينهم، بسبب اختلاف اللهجات في قراءة القرآن، مما دفع حذيفة بن اليمان أن يشكو أمرهم للخليفة عثمان بقوله: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب.
¥