تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن كتابة الزكاة، الحياة، النداة، مشكاة، النجاة، الربا، من تأثيرات الكتابة النبطية وتحمل أسرار الأصوات في طريقة النطق للهجة من اللهجات العربية التي نزل بها القرآن الكريم.

يقول ابن الجوزي: إن كتابة الصحابة للمصحف مما يدل على عظيم فضلهم في علم الهجاء خاصة وثقوب فهمهم في تحقيق كل علم.

واستدل السيوطي على قدم علم النحو بما منه كتابة المصحف على الوجه الذي يعلله النحاة في ذوات الواو والياء والهمزة، والمد والقصر.

فكتبوا ذوات الياء بالياء، وذوات الواو بالألف، إن قواعد الإملاء العادي لم يتفق عليها واضعوها وهي عرضة للتغيير والتبديل، ومتطورة على مدى الزمن، فواجب الحذر والتحرز يقتضي من المسلمين أن ينزهوا القرآن في رسمه عن قواعد مختلف فيها ومطلوب تغيرها، وربما يؤدي الترخص في الرسم إلى التحريف.

وسبق أن حاولت إسرائيل وعمدت إلى تحريف كتاب الله، فطبعت مائة ألف نسخة سنة إحدى وستين وتسعمائة وألف ووزعتها في البلاد الإفريقية والآسيوية وبدلت عبارات وحذفت أخرى، وأسقطت آيات.

ووجه شيخ الأزهر حينها برقية يقول فيها: إن إسرائيل التي قامت على البغي والطغيان والاعتداء على المقدرات والمقدسات ما زالت تعيش في هذا العبث، وتحيى في إطار هذا الطغيان، وإنها بتحريفها القرآن الكريم، تريد القضاء على معتقداتنا وديننا، وهي بذلك تمارس ما كان عليهم آباؤهم من تحريف الكلم عن مواضعه.

وانعقد مؤتمر إسلامي استعرض جريمة التحريف، وكان الرد بتسجيلات المصحف المرتل وتوزيع اسطوانات في الدول التي وزعت فيها إسرائيل المصاحف المحرفة، وباءت إسرائيل بالفشل والخزي، والله حافظ لقرآنه ومتمم نوره ولو كره الصهاينة.

يوجد في العالم اليوم أربعة مصاحف تنسب لسيدنا عثمان ولزمنه.

واحد في طشقند، ويعرف بالمصحف السمرقندي، حيث كان في جامع خوجا عبيد الله الأحرار ثم اشتراه حاكم تركستان ونقله إلى بطرس بيرج فوضع في دار الكتب القيصرية، وكان الناس يزورونه، ثم نشرته جمعية الآثار القديمة على يد الخطاط المصور الروسي "باركس" وطبعت منه خمسين نسخة.

ولما كان الانقلاب البلشفي أواخر سنة سبع عشرة وتسعمائة وألف ميلادية حمل المصحف في حفل عظيم وتحت حراسة مشددة من الجند إلى النظارة الدينية وبقي فيها خمس سنوات.

وفي سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة وألف ميلادية نقل إلى تركستان، وبقي في سمرقند فترة طويلة وهو الآن في طشقند في مكتبة الإدارة الدينية.

والمصحف السمرقندي هذا مكتوب على الرق بمساحة قدرها ثمان وستون بثلاث وخمسين سنتيمترًا، وعدد ورقاته ثلاثمائة وثلاث وخمسون ورقة.

وهو خال من النقط والشكل والتزيين ومكتوب بخط كوفي محقق رصين، وكل صفحة من صفحاته تحتوي على اثني عشر سطرًا.

قال تعالى: ?وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْهَا ? [الأعراف: 87 - 89].

ويتساءل بعض المؤرخين عن الطريق الذي وصل منه هذا المصحف الإمام إلى سمرقند ويفترضون حلولاً، فمنهم من قال إنه كان هدية من السلطان المملوكي الملك الظاهر ركن الدين بيبرس لبركة خان، خان القبيلة الذهبية لأن بيبرس تزوج ابنته.

ومنهم من قال بل هو المصحف الذي رآه ابن بطوطة ووصفه أثناء زيارته للبصرة، وانتقل منها على يد تيمور لنك إلى سمرقند.

وصورة الخط في هذا المصحف هي أقرب ما تكون إلى صورة الكتابة التي كتب بها المصحف الإمام.

ومن النقاد من يقول إن هذا المصحف لا يرقى إلى زمن الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وإن الصنعة ظاهرة عليه، ويشبه مصحف القيروان، ويعود للقرن الثاني أو الثالث الهجري، إذ الخطوط فيه مستقيمة وكأنها رسمت بمسطرة.

والمصحف الثاني المنسوب لسيدنا عثمان -رضي الله عنه- موجود بالقاهرة وهو مكتوب على الرق بدون شكل أو نقط.

يذكر المقريزي أن رجلاً من أهل العراق قدم إلى مصر في الخامس من المحرم سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة هجرية في خلافة العزيز بالله الفاطمي وأحضر معه مصحفًا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير