وفي الوثيقة التي يحتفظ بها المتحف الإسلامي في القاهرة نلاحظ ما قلناه، ونشاهد فيها تجردها من نهايات الآيات ورءوس السور، ونقرأ من آيات أواخر سورة المؤمنون:
? وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ * قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ? [المؤمنون، الآية 109: 118].
وتأتي بعد ذلك سورة النور دون أن يكون لها رأس سورة أو أية إشارة تنبه إليها، وتبتدئ بالبسملة ثم بكلمة:
? سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا ? [سورة النور، الآية 1].
ثم نقرأ في الوثيقة الثانية المحفوظة بالمتحف الإسلامي بالقاهرة:
? وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ... ? [سورة المائدة، الآية 2، 3]
ونلاحظ جمال الحرف بهيئته الناصعة التي تدل على عظمة هذا القرآن العظيم الذي اعتنى به المسلمون أشد عناية، وكان التوفيق حليفهم لأنه كلام الخالق البارئ جل جلاله.
وتنتشر اليوم في متاحف العالم عدة مصحف تنسب لسيدنا علي -رضي الله عنه- واحد في مكتبة نور عثمانية في إسطنبول، وهو مصحف مكتوب بالذهب، وأحرفه مسورة بمداد أسود على رَق مستطيل الشكل، ونقرأ في هذا المصحف سورة الإخلاص، ونلاحظها وهي محفورة بالذهب مسورة:
? قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ? [سورة الإخلاص، الآية 1: 4].
ومصحف آخر موجود في خزانة الإمام الرضا بمشهد بإيران مكتوب على الرق، وقد أوقفه الشاه عباس الصفوي سنة ثمانٍ بعد الألف هجرية غير منقوط ولا مشكول، وليس فيه نقاط ولا رءوس آيات ونقرأ فيه من سورة الحجر:
? مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * ِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ * وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ ? [سورة الحجر، الآية 17: 27].
وأما المصحف الثالث فتحتفظ به خزانة الإمام الرضا بمشهد أيضاً، وهو مكتوب على الرق، ويضم من سورة هود إلى آخر سورة الكهف. وهذا ما بقي منه عبر الأزمان، والصفحة هذه مكتوبة بخط كوفي متحول مع الإعراب والإعجام بألوان مركبة، وفيه الصحفة الثانية والثالثة مذهبتان، ونقرأ صفحة منه من سورة النحل:
¥