تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا كانت مشكلة الإعراب قد حُلت بنقط أبي الأسود الدؤلي وصار القارئ لا يخطئ في القراءة فإنه مازالت الصعوبات أمام الأعجمي قائمة ليميز بين الحروف المتشابهة في السورة، فكيف يميز بين الباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء وهكذا لبقية الحروف؟ لقد كثر التصحيف حتى قيل بأن كتاب عثمان لعامل مصر كان مكتوباً فيه. " إذا جاءكم الرجل فاقبلوه " فقرئت فاقتلوه. فكانت الفتنة والانقلاب على عثمان، وتصدى لهذا العمل نصر بن عاصم المتوفى سنة تسع وثمانين للهجرة، فأعاد النقط للحروف المتشابهة في القرآن ولكن بخطوط مائلة صغيرة حتى لا تختلط مع نقط التشكيل، وكان ذلك زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان المتوفى سنة ست وثمانين للهجرة، وبتكليف من الحجاج بن يوسف الثقفي المتوفى سنة خمس وتسعين للهجرة، وفي الوثيقة المحفوظة في المكتبة البريطانية بلندن نشاهد نقط نصر بن عاصم على صفحة ترجع إلى القرن الهجري الثالث، وهمزة القطع بلون أخضر، قال تعالى:

? نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأوَّلِينَ * أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ * كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ * فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ * أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ .. ? [سورة الشعراء، الآية 193: 205].

اختلف أهل المشرق والمغرب في نقط الفاء والقاف، فأخذ أهل المغرب القاعدة القديمة الأولى ونقطوا الفاء بنقطة من الأسفل، والقاف بنقطة من الأعلى، وتركوا حرفي القاف والنون بدون نقط في حالة الإفراد والتطرف؛ لأنهما لا يلتبسان بحروف أخرى، ونهج أهل المشرق على رسم نقطة على الفاء ونقطتين على القاف، ونقطوا المفرد والمتطرف، وفي الوثيقة المحفوظة في المكتبة البريطانية نشاهد نقط الفاء والقاف على الطريقة المغربية، فنقطة الفاء من الأسفل ونقطة القاف من الأعلى، كما نشاهد حرف النون المتطرف وهو خال من النقط. لقد استخدم الخطام النقطة الصفراء لتدل على همزة القطع، والنقطة الخضراء لتدل على همزة الوصل. قال تعالى:

? إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا * وَيَنصُرَكَ اللهُ نَصْرًا عَزِيزًا * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزًا عَظِيمًا * وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ? [سورة الفتح، الآية 1، 6].

* الرموز الفنية في المصحف الشريف

ظل المصحف الشريف خلال النصف الأول من القرن الهجري الأول مجرداً إلا من بعض رموز أبي الأسود، وإذا كانت الكوفة قد أخضعت خط المدينة لقواعد الصنعة فإن دمشق قد دفعت بالخط الكوفي مراحل نحو التقدم والتحسن، ونتج عن ذلك خط جميل هو الخط الشامي، وكان من الطبيعي أن يظهر خط شامي ودمشق أيام الأمويين عاصمة الملك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير