تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد تم نقط الحروف المتشابهة في القرآن زمن عبدالملك، وجمع الحجاج بن يوسف الثقفي فقهاء المسلمين وأحضر القراء فمكثوا أربعة أشهر يصلون ليلهم بنهارهم حتى عدوا آيات وكلمات وحروف القرآن العظيم، وسووا أجزاءه وقسموه إلى ثلاثين جزءاً، وستين حزباً، ومائتين وأربعين ربعاً، وأربعمائة وثمانين عشراً، وعدد آيات القرآن العظيم على طريقة الكوفيين وهو الرأي الراجح ست وثلاثون ومئتان وست آلاف آية، وعدد كلماته تسع وثلاثون وأربعمائة وسبع وسبعون ألف كلمة، وعدد أحرفه خمسة عشر وثلاثة وعشرون وثلاثمائة ألف حرف.

إن هذا الترتيب للقرآن الكريم في زمن الحجاج لم يكن نابعاً من فراغ، وإنما كان قبل ذلك لتسهل على الحفاظ المراجعة الدائمة لآيات القرآن العظيم، فقد أخرج أحمد في مسنده وأبو داوود وابن ماجة عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: " ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة، وحزب مفصل من سورة قاف حتى يُختم ".

وقد كان سيدنا عثمان -رضي الله عنه- حريصاً على أن يتلوا القرآن العظيم جميعه كل أسبوع، فكان يبدأ ليلة الجمعة بقراءة سورة البقرة حتى نهاية المائدة، ويبدأ ليلة السبت في قراءة سورة الأنعام حتى نهاية سورة هود، ويبدأ ليلة الأحد بقراءة سورة يوسف حتى نهاية سورة مريم، ويبدأ ليلة الاثنين بقراءة سورة طه حتى نهاسة سورة طسم، ويبدأ ليلة الثلاثاء بقراءة سورة العنكبوت حتى نهاية سورة " ص " ويبدأ ليلة الأربعاء بقراءة سورة الزمر حتى نهاية سورة الرحمن، ويختم ليلة الخميس ما بقي من سور القرآن الكريم، وقد كان هذا التقسيم أساساً لما عُرف بأحزاب المصحف، وهي سبعة على عدد أيام الأسبوع، ولقد طرأ عليها التعديل بعد عثمان -رضي الله عنه- كما شاع في فيما بعد قسمة كل جزء إلى جزأين وكل حزب إلى أربعة أرباع.

لم يكن المصحف الشريف يحمل رموزاً تشير إلى هذه التقسيمات الفنية، وإنما كان مجرداً ليس فيه إلا الحرف، ثم استحب النساخ كتابة العناوين في رأس كل سورة حتى يميزوها عن جسم القرآن العظيم كي لا يعتقد الناس بأنها من القرآن، كتبوها بالذهب وبلون مغاير، وابتعدوا لها خطاً مورقاً، كما وضعوا رموز الفاصلة عند رءوس الآي فاستخدموا في البدء مجموعة من النقط على هيئة مثلث، ثم تطور هذا الشكل فاستعاضوا عنه بدائرة، وأدخلوا فيها حرفاً ليدل على العدد، ونحن نعلم أن العرب قد استعملوا حروف الهجاء للتعداد والتأريخ والسنوات، فكانت تسعة أحرف للآحاد ومثلها للعشرات ومثلها للمئات، واستخدم حرف واحد للألوف، وتسمى الحروف الهجائية في حساب الجُمل.

استعمل المسلمون الأوائل حرف الهاء للدلالة على العدد خمسة، ووضعوه داخل دائرة عند انتهاء خمس آيات، وسموا ذلك بالتخميس، واستعملوا عند نهاية كل عشر آيات حرف ياء داخل دائرة للدلالة على العدد عشرة، وسُمي ذلك بالتعشير، كما استخدم بعض نساخ القرآن العظيم رأس خاء للخمسة، و رأس عين للعشرة، ووضعوا حرف هاء بلون مذهب للدلالة السجدة.

* ظهور الأرقام

ذكر القرآن العظيم الأرقام بالكلمات كما في قوله: ? ثَانِيَ اثْنَيْنِ ? [سورة التوبة، الآية 40] ? تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ? [البقرة، 196] ? وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ? [سورة الكهف، الآية 25] ? فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ ? [سورة العنكبوت، الآية 14] ? فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ? [سورة المعارج، الآية 4] يسمى نظام كتابة الأرقام بالحروف حساب الجُمل، ويقضي بأن تساوي حرف الألف واحداً والباء اثنين والجيم ثلاثة والدال أربعة والهاء خمسة، وهكذا، فالحروف التسعة الأولى تحمل الآحاد، والتسعة الثانية هي الهاء والكاف واللام والميم والنون والسين والعين والفاء والصاد تحمل العشرات، والتسعة الثالثة وهي القاف والراء والشين والتاء والثاء والخاء والذال والضاد والظاء تحمل المئات، ويحمل حرف الغين رقم الألْف، إن هذا التقسيم عرفه العرب قبل اتصالهم بالهنود، ويسمى التقسيم والنظام هذا بالنظام العُشري، وقد أخذه العرب والهنود عن البابليين، إلا أن التطور الحضاري الذي مر به العرب في ظل الإسلام دفعهم إلى التفكير بطريقة تكون أيسر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير