تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد وضع الخطاط المسلم في إيران خلاصة معارفه وخبراته التي ورثها من إمبراطورية ممتدة الجذور في التاريخ ليطور الحرف في إمبراطورية بات الحرف فيها ينظر إليه باحترام كبير، وليمزج حسه بمعاني القرآن العظيم ويحلق في خيالاته ويبدع آلاف الأشكال مستمداً كل ذلك من معاني المصحف الشريف، وقد تجلى الإبداع في القرآن المفسر بالفارسية والمحفوظ في مكتبة متحف سراية طبقاتي بإسطنبول وهو من عمل عثمان بن الحسين الوراق الخزنوي وقد كتبت آياته بأحرف متزنة الأطوال وحركاته باللون الأحمر، وشدداته وهمزاته باللون الأخضر كما نلاحظ علامة الميزان والتي أوضحنا عنها من قبل فوق حروف الراء والدال والسين كما توضح لنا الأعداد المكتوبة بالحروف وبالخط الكوفي داخل دوائر محلاة في نهاية الآيات عدد الآية عشرياً مع إشارة للتخميس على الهامش، ويعد هذا التفسير نموذجاً فريدا في عصره ويوجد منه قسم آخر محفوظ في مكتبة مشهد بإيران إن هذه النماذج من الخط الكوفي المشرقي لتدل دلالة واضحة على صفاء نفس الخطاط وإخلاصه وحبه لخدمة كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ونلاحظ من خلال آلاف المصاحف التي نستعرضها عبر التاريخ بأنه لم يتجرأ مسلم على مس الحرف العربي بأي تغيير لوني، وإنما كان المسلمون في كل زمن يضعون الرموز الصوتية لضبط سلامة القراءة ويضيفونها بالألوان وكما نلاحظ في همزات الوصل والقطع والشدة والرموز الأخرى على امتداد رقعة العالم الإسلامي واختلاف المذاهب والمشارب.

وقد أشار إلى ذلك الداني في محكمه كما أوضحنا من قبل، ومن أجمل نماذج الكتابة المشرقية التي وصلت من إيران مصحف مصغري بجداول من ذهب وفواصل الآيات فيه على شكل دوائر داخلها حرف أو أكثر يشير بحساب الجمل للقيمة العددية التي تقابل الآية.

فالنون تساوي خمسين آية ونا تساوي أحدى وخمسين آية، وقد كتب في كل صحيفة أربعة سطور ثم صبغت الخليفة بكاملها باللون البني ورسمت عليها زخارف مورقة باللون الأزرق ونلاحظ أن جميع الإشارات كتبت باللون الأحمر، إلا علامات التشديد والجزم وعلامة الميزان كما نلاحظ طريقة كتابة حرفي اللام ألف في قوله رسولاً وهو تحول كبير يدل إلى بداية تحول اليبوسة في الخط إلى الليونة، ويعتبر هذا الخط الكوفي المشرقي بداية تأثير في قواعد الخط المغربي.

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[13 Aug 2007, 05:52 م]ـ

رحلة القرآن العظيم (5)

فتح المسلمون فلسطين وتسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس، هذه المدينة المقدسة التي نزل فيها قوله سبحانه وتعالى:

? سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ? [الإسراء الآية 1].

والتي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى).

وكتب الخليفة لأهل بيت المقدس وثيقة الأمان التي عرفت فيما بعد بالعهدة العمرية:

بسم الله الرحمن الرحيم .. " هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبريئها، وسائر ملتها أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من خيرها ولا من صلبهم ولا شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما تعطي المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص فمن خرج منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير نفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم، فمن شاء منهم قعد وعليهم مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصدوا حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء، وذمة المؤمنين إذا أعطوا ما عليهم من الجزية".

كتب سنة خمسة عشر للهجرة، شهد على ذلك خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمر بن العاص ومعاوية بن أبو سفيان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير