تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المخلوقات، وفيها الحدود والأحكام والأمر بالجهاد ومجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، والاهتمام بأمر المنافقين إلى غير ذلك، مصداقاً لقوله تعالى:

? ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ?. [سورة النحل، الآية 125].

وهناك علامات بها يهتدي القارئ على معرفة السور المدنية من المكية.

* علامات السور المكية:

- كل سورة بدأت بحرف من الحروف الهجائية سوى البقرة وآل عمران والرعد فيها خلاف.

- كل سورة فيها كلمة كلا، وعددها ثلاث وثلاثون سورة، وتوجد في النصف الثاني من القرآن العظيم، ويغلب على آياته القصر.

- كل سورة فيه يا أيها الناس عدا سورة البقرة فمدنية.

- كل سورة فيها آية سجدة.

- كل سورة فيها قصص قرآني أو خبر عن السابقين.

* علامات السور المدنية:

- كل سورة فيها ذكر المنافقين، ما عدا سورة العنكبوت فمكية.

- كل سورة فيها مناقشة لأهل الكتاب ومجادلتهم.

- كل سورة فيها ما يخص التشريع والقوانين والأحكام والإذن بالجهاد.

إن معرفتنا بالسور المكية والسور المدنية تدلنا على إعجاز القرآن الكريم، وصدق بعثة ونبوة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، إذ أن هناك آيات نزلت بالمدينة ثم ألحقت بالسور المكية التي مضى على نزولها عشر سنوات أو أكثر، كقوله تعالى: ? إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ? [سورة المزمل، الآية 20]. إلى آخر الآية عشرين من سورة المزمل.

وكذلك الآية المكية التي نزلت بالجحفة في أثناء هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهي: ? إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ? [سورة القصص، الآية 85].

وهذه الآية تبشر النبي صلى الله عليه وسلم بالعودة إلى مكة فاتحاً منتصراً بعد خروجه مهاجراً، وهي من باب المغيبات التي تدل على الإعجاز والصدق، ونجد جزءاً من آية في سورة مدنية نزل في مكة في عرفات في حجة الوداع، وهي من الآية الثلاثة في سورة المائدة: ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ? [سورة المائدة، الآية 3].

وكذلك من الآيات ما نزلت بمكة وألحقت بسورة مكية نزلت فيما بعد كقوله تعالى من سورة الأنفال: ? وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ? [سورة الأنفال، الآية 30]. إلى قوله تعالى نهاية الآية السادسة والثلاثين ? وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ? [سورة الأنفال، الآية 36] ..

إن التداخل ما بين الآيات المدنية والمكية يرشدنا إلى عظمة القرآن الكريم، وليس السبب في معرفتنا هو علم الزمان والمكان، وإنما هو الوحدة المترابطة الموضوعية لكل سورة من القرآن العظيم كما هي في اللوح المحفوظ، لذا كان جبريل عليه السلام ينزل بالقرآن ثم يخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بوضع الآية أو الآيات في سورة كذا بعد آية كذا كما هو معلوم في اللوح المحفوظ.

والإجماع يدل دلالة قاطعة لا مرية فيها على أن ترتيب القرآن العظيم توقيفي بأمر من عند الله -سبحانه وتعالى- ولا دخل في ذلك لأحد من البشر، ومما ورد في ذلك ما أخرجه " أحمد " في مسنده بإسناد حسن عن عثمان عن ابن أبي العاص، قال: " كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ شخص ببصره ثم صوبه ثم قال: أتاني جبريل ثم أمرني أن أضع هذه الآية في هذا الموضع من هذه السورة: ? إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ? [سورة النحل، الآية 90].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير