تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما ذهب الإمام مالك ولا مخالف من علماء الأمة، حتى أن الأمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائتين هجرية قال: تحرم مخالفة مصحف الإمام في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك.

وقال البيهقي أبو بكر أحمد بن الحسين المتوفى سنة ثماني وخمسين وأربعمائة من كتب مصحفاً فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به هذه المصاحف ولا يخالفهم فيه، ولا يغيروا مما كتبوا شيئاً، فإنهم كانوا أكثر علماً وأصدق قلباً ولساناً وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكاً عليهم ".

وكل ما امتد الزمن بالناس ازدادت عنايتهم بتيسير الرسم القرآني، وقد اتخذ هذا التيسير أشكالاً مختلفة، وكان الخليل أو من صنف النقط وذكره في كتاب وذكر علله وأول من وضع الهمز والتشديد والروم والإشمام، ولا يكاد " أبو حاتم الجانستاني " يؤلف كتابه عن القرآن وشكله حتى يكون رسم المصاحف قد قارب الكمال حتى إذا كانت نهاية القرن الهجري الثالث بلغ الرسم ذروته من الجودة والحسن، وأصبح الناس يتنافسون في اختيار الخطوط الجميلة وابتكار العلامات المميزة، حتى جعلوا للحرف المشدد علامة كالقوس، والألف الوصل جرة فوقها أو تحتها أو وسطها على حسب ما قبلها من فتحة أو كسرة أو ضمة.

وما أكثر العقبات التي كانت تعترض اتجاه الناس نحو تحسين الرسم القرآني، وما برح العلماء حتى أواخر القرن الثالث الهجري يختلفون في نقط المصاحف.

إن تحول كتابة القرآن العظيم من الخط اليابس إلى الخط اللين وهجران الخط الكوفي، جعلت خطاطي الخط الرابع الهجري يبحثون عن رموز لتحسين الكتابة وضبطها وهو ما يوافق شكلها خط النسخ، فابتدع الخطاطون مع القراء والعلماء أشكال ورموز تضبط قراءة القارئ وترشده إلى مكان الوقف حتى يتم المعنى ويؤدى بشكل سليم، ومن علامات الوقف الموجودة الآن في المصاحف العثمانية وغيرها ما هي إلا علامات اصطلاحية من اجتهاد علماء الرسم تسهيلاً للقارئ، باستثناء رؤوس الآيات المتفق عليها، وهي توقيفية لا اجتهاد فيها لأحد، ولكي يتنبه القارئ إلى أماكن الوقف الجائز والممنوع، كانت هذه الرموز.

حرف " م " وهو حرف يدل على الوقف اللازم، وهو الحرف الأخير من كلمة لازم، حرب " لا " وهي أداة نهي لعدم الوقف ويعني هذا الرمز علامة الوقف المممنوع.

حرف " جـ " رمز يدل على جواز الوقف وعلامة الوقف هذه أخذت من كلمة جائز، الحرفان.

" صلى " علامة الوقف والوصل مع كون الوصل أولى.

الحرفان " قلي " علامة الوقف والوصل مع كون الوقف أولى، النقاط المتراكبة الثلاث تعني علامة الوقف المتعانق بحيث لو وقف على أحدهما لا يصح له الوقف على الأخرى، ولا يقف عليهما معاً ولا بأس بوصل الآية كاملة، مثال ذلك قوله تعالى: ? ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ? [سورة البقرة، الآية 2].

علامة خاصة ورمز للسجدة، وكانت في المصاحف الأولى عبارة عن حرف هاء كبير ثم تطور إلى شكل ورمز زخرفي، مع رسم خط أفقي،. حرف " س " الصغير وهو علامة للدلالة على السكتة اللطيفة الخفيفة، يقف عندها القارئ بدون تنفس، ويوجد ذلك في خمسة مواضع في القرآن العظيم، وهي في قوله تعالى: ? وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا قَيِّمًا? [سورة الكهف، الآية 1، 2] .. ? قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا ? [سورة يس، الآية 52] .. ? وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ? [سورة القيامة، الآية 27] .. ? كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم ? [سورة المطففين، الآية 14] .. ? مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ? [سورة الحاقة، الآية 28، 29] ..

قال أبو محمد مكي ابن أبو طالب رحمه الله كل شيء له نصفان، إلا القرآن فإن له ثمانية أنصاف، نصفان على عدد الحروف آخر النصف الأول على عدد الحروف، النون والكاف من قوله تعالى: ? شَيْئًا نُّكْرًا ? [سورة الكهف، الآية 74].

وأول النصف الثاني الراء والألف منها أي نكرا إلى آخر القرآن الكريم، وله نصفان آخران على عدد الآي، فأخر النصف الأول على عدد الآي، رأس خمس وأربعين آية من الشعراء في قوله تعالى: ? تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ? [سورة الشعراء، الآية 45] .. وأول النصف الثاني عن عدد الآي ? فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ? [سورة الشعراء، الآية 46] .. في الشعراء إلى أخر القرآن العظيم، ونصفان آخران على عدد كلمه، فأخر نصفه الأول عدد كلمه رأس عشرين أية من سورة الحج، في قوله تعالى: ? وَالْجُلُودُ ? [سورة الحج، الآية 20] .. وأول نصفه الثاني على عدد كلمه في سورة الحج في قوله تعالى: ? وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ? [سورة الحج، الآية 41] .. وله نصفان آخران على عدد سوره، فأخر نصفه الأول على عدد سوره،

? قَدْ سَمِعَ اللهُ ? [سورة المجادلة، الآية 1] .. من سورة المجادلة، كذلك ثمانية أنصاف قدر روي هذا عن ابن مجاهد والله أعلم، ولا يخفى علينا أن عدد سور القرآن الكريم مئة وأربع عشرة سورة.

وأما وضع نقطة خالية الوسط معينة الشكل تحت الراء فإنها تدل على إمالة الفتحة نحو الكسرة، وكانت توضع في القرون الأولى نقطة لازواردية وكذلك وضع هذه العلامة فوق أخر الميم قبل النون المشددة لتدل على الإشمام وهو ضم الشفتين إشارة إلى أن الحركة المحذوفة ضمة، كقوله تعالى: ? مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ? [سورة يوسف، الآية 11] .. وأما وضع نقطة مدورة فوق الهمزة الثانية فيدل على تسهيلها بين بين كقوله تعالى: ? أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ? [سورة فصلت، الآية 44] .. وهي الآية الرابعة والأربعون من سورة فصلت ولا يوجد غيرها في القرآن الكريم، ولقد وجدت بعض الرموز في المصاحف التي خطت أيام الدولة العثمانية لتدل على ضبط القراءة أيضاً، حرف " ط " ومعناه الوقف الطيب، وحرف " ص " ومعناه يرخص للوقوف، و" قف" معناه استحباب الوقف، و" ح " ومعناه وقف حسن، و" ز " جواز الوقف والوصل أولى، و " ع " ومعناه انتهاء العشر عن الكوفيين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير