تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يعرف الخط بأنه تصوير اللفظ بحروف هجائه لذا كان الأصل في كل مكتوب أن يكون موافقاً تماماً للمنطوق، إلا أن هذا الأصل خولف في المصحف العثماني، وظل مصطلح الرسم القرآني مستقلاً بنفسه جارياً على غير قياس، لم يتأثر بالقواعد المستحدثة، ونتحدث باختصار عن بعض قواعد خلاف الرسم الإملائي، إذ تكتب الكلمة من القرآن في بعض المواضع برسم، وفي مواضع أخرى برسم أخر مع أنها هي هي، لقد تتبع علماء الرسم العثماني الكلمات التي يختلف رسمها عن نطقها، وعللوا بما يعرف منه أن مرجع الخلاف هو ما في الكلمات من قراءات يحتملها الرسم، أو ما فيها من قراءة واحدة يستدعى أن نكتب بسورتها التي لا تحتمل ما سواها.

وهذا نظام الدين النيسابوري ينقل عن جماعة من الأئمة قولهم: " إن الواجب على القراء والعلماء وأهل الكتاب أن يتبعوا هذا الرسم في خط المصحف، فإنه رسم زيد بن ثابت، وكان أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكاتب وحيه " ..

فما كتب شيء من ذلك إلى لعلة لطيفة وحكمة بليغة، فلو كتب على صلاتهم فإن صلاتك بالألف فما دل ذلك إلى على وجه واحد وقراءة واحدة بالإفراد لا بالجمع، وكذلك:

? وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ? [سورة الرعد، الآية 42].

تكتب بغير ألف ليدل على القراءتين، وفي الرسم العثماني فوائد منها الدلالة على الأصل والشكل والحروف لكتابة الحركة حروفاً بإتباع أصلها، كما في ? وإيتاء ذي القربى ? [سورة النحل الآية، 90]، ? سأوريكم ?، ? الصلاة ? بالواو بدل الألف، ? والزكاة ? بالواو بدل الألف لأن أصل الواو هو الألف، ومنها النص على بعض اللغات الفصيحة، كتابة هاء التأنيث تاء مجرورة على لغة طئ، وكحذف ياء المضارع لغير جازم في ? يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ ? [سورة هود، الآية 105].

على لغة هذيل، ومنها إفادة المعاني المختلفة بالقطع والوصل في بعض الكلمات نحو ? أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ? [سورة النساء، الآية 109]، ? أَمَّن يَّمْشِي سَوِيًّا ? [سورة الملك، الآية 22].

فإن قطع أم عن من يفيد معنى بل دون وصلها بها ومنها أخذ القراءات المختلفة من اللفظ المرسوم برسم واحد نحو وإيتاء ذي القربى، فالقراء يختلفون فيها في حالة وصلها بما بعدها في مقادير المد فمنهم من مدها ثلاث حركات، ومنهم من مدها أربع حركات، ومنهم من مدها خمساً ومنهم من مدها ستة، وحمزة وهشام يقفون على وإيتاء ونحوه مما رسم بياء بعد الألف، بإبدال الهزة الثانية ألفاً على التفصيل الذي أوضحه علماء القراءات.

كما اختلف القراء بكلمة العلماء في حالة وصلها في ما بعده في مقادير المد وحمزة وهشام يغيران الهمزة واو على وجوه ذكرها العلماء، وقد أجمع كتاب المصاحف أن يكتبوا: ? مَا كُنَّا نَبْغِ ? [سورة الكهف، الآية 64] بغير ياء بعد الغين واختلف القراء في إثبات الياء وحذفها فأثبتها وصلاً نافع وأبو عمر وأبو عمر وأبو جعفر والكسائي وأثبتها وصلاً ووقفاً ابن كثري ويعقوب وحذفها وصلاً ووقفاً ابن عامر وعاصم، وحمزة وخلف وهذه الياء حذفت رسماً للتخفيف، فمن قرأ بحذفها وافق الرسم تحقيقاً ومن قرأ بإثباتها وافق الرسم تقديراً والأصل إثباتها؛ لأنها لام الكلمة واختلفت القراءات في ? وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ ? [سورة البقرة، الآية 9]. فقرأها يخدعون بفتح الياء وإسكان الخاء وفتح الدال ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي، وخلف وأبو جعفر ويعقوب، وقرأها نافع وابن كثر وأبو عمر، ? يُخَادِعُونَ ? بضم الياء وفتح الخاء، وألف بعدها وكسر الدال واتفق كتاب المصاحف على كتابة وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً بالتاء المبسوطة، وقرأها بالإفراد عاصم وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب، وقرأها بالجمع كلمات نافع، وابن كثير، وأبو عمر، وابن عامر، وأبو جعفر.

قال أبو حيان في البحر المحيط: في ? هَذَانِ ? رأيت في مصحف الإمام مصحف عثمان، هذان ليس فيها ألف، وقد رسمت بغير ألف ليحتمل رسم المصحف قراءتي الألف والياء معاً، إن هذين، وإن هذان، وإن رسمت بالياء لفات ذلك ولم يحتمل رسم المصحف قراءة الألف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير