تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن القراء من الصحابة والتابعين الشاميين كانوا كثرة كثيرة وبذلوا جهدا كبيراً في إقراء القرآن، وكان القراء من الصحابة الشاميين يعلمون أهل الشام القرآن في مساجد أجناد فلسطين والأردن ودمشق وحمص، وكان لكل صحابي منهم تلاميذ يحيطون به ويأخذون القراءة عنه.

لقد اتصل نشاط القراء من التابعين الشاميين في إقراء القرآن وتعليمه لأهل الشام في مساجد الأجناد المختلفة، وكان نشاطهم في مسجد دمشق ومسجد حمص أقوى من نشاطهم في مسجد الرملة ومسجد بيت المقدس ومسجد طبرية، ففي دمشق وحمص توافر أشهر القراء وفيهما تخرج أكثر التلاميذ وكان التنافس بين قراء المسجدين وتلاميذهم شديداً وكان الخلاف بينهم لا يذكر، وكان قراء مسجد دمشق وتلاميذهم أكثر عدداً وأوسع أثراً، وفي الثلث الأخير من القرن الهجري الأول أصبح لمسجد بيت المقدس مكانة خاصة في القراءة، وعظمت مكانته في القرن الثاني إذ أخذ يؤمه بعض القراء من الصحابة الدمشقيين، كواثلة بن الأسقع الكناني وكانت أم الدرداء الصغرى تقيم به ستة أشهر وبدمشق ستة أشهر وكانت تقرئ فيه القرآن العظيم.

قُبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- وانتقل إلى الرفيق الأعلى، بعد أن أتم الرسالة وبلغ الأمانة، قال تعالى: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ? [المائدة: 3]، لقد انقطع الوحي وتمت كلمات الله ونسخ القرآن العظيم في السطور وحفظ في الصدور ولم يكن الخط في ذلك الزمن مكتملاً ناضجًا ولم يكن الكاتب والخطاط قد عُني بجمال شكل، وإنما كان نظام الكتابة ضرورة للقراءة من غير ما تذويق أو تجميل، وبدا الحرف في القرآن العظيم أجردًا من غير نقط أو شكل ولم تكن الفواصل بين الآيات إلا فراغًا أحيانًا كما الفواصل بين السور.

وانتشر الإسلام في الأرض، وكتاب الله السفير المعلم في الشعوب الداخلة في الإسلام، لقد تم للمسلمين فتح سورية والعراق ومصر ومنطقة الشمال الإفريقي زمن الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل -رضي الله عنهم-.

وفي زمن الخليفة الرابع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- نقلت العاصمة وأركان الدولة من المدينة المنورة إلى الكوفة التي مصرها سعد بن أبي وقاص بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما - في السنة السابعة عشرة للهجرة والتي توافق السنة الثامنة والثلاثين وستمائة من الميلاد.

وفتح المسلمون العرب بلاد فارس - إيران - ودخلت الجيوش العربية مدينة هارا سنة أربعين للهجرة الموافقة لسنة ستين وستمائة ميلادية، واستمرت في تقدمها حتى أشرفت على بلاد الهند، وكان أن استشهد سيدنا علي -رضي الله عنه- سنة أربعين هجرية وانتقلت الخلافة بعد زمن قليل إلى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- مؤسس حكم الأسرة الأموية التي دامت من سنة أربعين حتى اثنتين وثلاثين ومائة هجرية الموافقة لسنة ستين وستمائة حتى سنة تسع وأربعين وسبعمائة ميلادية.

إن أول عمل قام به معاوية بن أبي سفيان أن نقل مركز الخلافة من الكوفة لدمشق الشام، وفي العصر الجديد هذا اتسعت رقعة الدولة العربية الإسلامية كثيراً وامتدت إلى جبال البرانيز في شمال إسبانيا وشاطئ المحيط الأطلسي غربًا وإلى حدود الصين شرقًا، لقد تميز هذا العصر بانصراف المسلمين بشكل عام إلى الحياة الدنيوية عكس ما كان عليه الحال في العصر الراشدي حيث تجنب العرب إلى درجة كبيرة البذخ والترف فتقدمت الفنون المعمارية ومال العرب إلى الخط والزخرفة فتطورت بعض الحروف العربية وبقيت حروف الباء والواو والياء والكاف والفاء كما هي دونما تطوير.

لقد عُني المسلمون بجودة الخط لخدمة كتاب الله -عز وجل-، ونتيجة لكتابة كلام الله المجيد والعناية به فقد تبوأ الخطاطون مكانة رفيعة مرموقة في العالم الإسلامي، لقد اشتهر في العصر الأموي خطاطون كُثر على رأسهم مؤسس الدولة معاوية بن أبي سفيان وخالد بن أبي الهياج الذي كان يكتب المصاحف ويتأنق فيها ويذهبها، وقد كتب في قبلة مسجد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في المدينة المنورة سورة والشمس وضحاها بالذهب.

وفي هذا ما يدل على نضج الخط واستخدمه في تزيين المساجد في وقت مبكر في تاريخ فن الخط عند المسلمين كما ورد عن محمد بن إسحاق أنه رأى مصحفا بخط ابن أبي الهياج.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير