تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وممن اشتهر أيضاً شهاب بن حمزة الكاتب المتوفى سنة اثنتين وستين ومائة للهجرة، وكان خطاطًا مجيدًا ماهرًا عرف بأناقة خطه وقوة حرفه واتزان فراغاته وسحر سطوره وكان يكتب للخليفة هشام بن عبد الملك كثيراً، بإملاء المحدث الزهري المتوفى سنة أربع وعشرين ومائة هجرية، وقد بقيت كتابات شعيب إلى القرن الثالث الهجري وروى الإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة اثنتين وأربعين ومائة هجرية أن كتابة شعيب مضبوطة مقيدة.

ومن مشاهير كتاب ونساخ وخطاطي المصاحف مالك بن دينار المتوفى سنة ثلاثين ومائة هجرية وكان يكتب المصاحف ويأخذ أجرها وفي ذلك ما يدل على أن حرفة النسخ بدأت تظهر في الدولة العربية الإسلامية.

أما قطبة المحرر المتوفى سنة أربع وخمسين ومائة هجرية فقد كان أكتب الناس على الأرض في العربية كما جاء في الفهرست لابن النديم وكان منقطعا للوليد بن عبد الملك يكتب له المصاحف وأخبار العرب وأشعارهم واستطاع أن يولد خطوطا أربعا منها الطومار والجليل.

لقد بلغ الخط العربي في العصر الأموي ومن خلال المصحف الشريق والقرآن العظيم مبلغًا عظيمًا، فقد أصبح الخطاط في المصحف يراعي المسافات بين الكلمات وبين الأسطر بشكل جيد وكذلك مراعاة المسافة بين الحرف والآخر الذي يليه مع الاهتمام في منح كل حرف نصيبه المعقول من الطول والقصر والدقة والغلظة وظهرت مدات في بعض الحروف المتصلة أضافت إلى الكتابة حسناً وتفخيما، وحافظت على جمال شكل السطر نتيجة لحسن استخدامها في بعض الحروف دون غيرها، وفي بعض الكلمات، واستخدمت المدات في نهاية الأسطر أحيانا لملء الفراغ الذي لا يفي كلمة أخرى، ومع ذلك فإن الأحرف في كلمة ما قد تنتقل إلى السطر الثاني من غير ما عنت أو كره، وقد يؤدي هذا أحيانا إلى اللبس في القراءة وهذا ما عنوه بالمشق في الكتابة، ويبدو أن المشق قديم في الكتابة العربية وكان مكروها لإفساده خط المبتدئ ولدلاته على تهاون الكاتب في معرفته لطول الكلمة لذلك قال سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- "شر الخطوط المشق".

وقد كره الأسلوب هذا في الكتابة وخاصة في المصاحف لأنه يؤدي إلى الخطأ والغلط أحيانا لقد فصل الخلفاء الأميون بين نوعين من الخطوط خط لشئون الدولة وشئون الرسائل وما تحتاجه الدواوين وخط جليل عظيم يأخذ هالة القدسية والجلال والعظمة يكتب به المصاحف.

وهذا ما أطلق عليه علماء الخط الخطَّ اليابس ثم وصفوه في العصر العباسي فيما بعد بالخط المحقق، إذا كان قد ظهر في الشام خط شامي لين لكتابة الرسائل وشئون وحاجات الدولة فإن طرقًا جديدة من الخط الكوفي اليابس قد ظهرت في الأقاليم المفتوحة وبكتابة المصاحف فمنذ افتتاح مصر سنة اثنتين وعشرين هجرية ودخول المصحف الشريف إليها بخط مدني رصين بدأ الخط يتطور ويأخذ أبعادًا جديدة.

وأنشأ عقبة بن نافع سنة خمسين للهجرة مدينة القيروان، وسرعان ما ظهر فيها الخط الكوفي القيرواني الذي تحدث عنه ابن النديم في فهرسه وأبو حيان في رسالته وابن خلدون في مقدمته.

وانتقال الخط إلى شمال إفريقية جاء عن طريق المدينة أولاً والشام ثانياً وليس عن طريق بغداد لأن الخط البغدادي والعراقي لم يظهرا إلا في منتصف القرن الثاني بعد تأسيس بغداد وتحول المنصور إليها في السنة السادسة والأربعين بعد المائة الهجرية، ومنذ تأسيس القيروان في سنة خمسين هجرية وحتى سقوط الدولة الأموية والخط القيرواني في تطور وثبات وتقدم.

لقد وصل إلينا من العهد الأموي جملة من صفحات المصاحف ونماذج تدل على طريقة كتابة المصاحف المتطور عما عليه زمن الخلفاء الراشدين، ففي متحف طبقابي مصحف برقم أربعين وقد كتب عليه أنه من السنة الثانية والخمسين للهجرة أي من القرن الأول وبخط عقبة بن عامر وما نلاحظه في هذا المصحف ما يومئ إلى أن التاريخ المكتوب والمخطوط والذي يعود إلى منتصف القرن الهجري الأول لا علاقة له بهذا المصحف لأن الكتابة أندلسية متطورة لا تنم ولا تعبر عن ذلك العصر، إذ الرموز في الخط متطورة والعلامات التي وضعت عليه متأخرة والشكل على طريقة الخليل مزاوجًا طريقة الدؤلي في بعض النواحي مع وجود رموز للقراءة لم تظهر إلا متأخرة في المصاحف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير