تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويعد ياقوت من الخطاطين المجودين الذين تركوا بصمتهم على تطور خط النسخ وقد توفي سنة ثمان وتسعين وستمائة هجرية، وتقول الروايات: إن ياقوت جمال الدين كان عبدًا مملوكًا للخليفة العباسي الأخير المستعصم بالله، نشأ في بلاطه وعرف بانتسابه له، وأتقن العربية والأدب وقرض الشعر، وقد عاش حياة فيها الرفاهية والرغد في ظل انتسابه للخليفة، واستطاع أن يستعيد منزلته بعد غزو المغول لبغداد سنة ست وخمسين وستمائة هجرية، وفي رواية: إن ياقوت لجأ إلى إحدى المآذن واختبأ بها عندما دخل هولاكو بغداد وأنه حتى في تلك الأيام الرهيبة لم ينقطع عن الكتابة.

وكانت الأقلام الستة قد بلغت شأوًا كبيراً من التطور قبله فجودها وحسنها ووصل بها إلى الوضع الأخير الذي كانت عليه قبل ظهور المدرسة العثمانية، واتخذ الخط المائل للقلم بدلاً من الخط المستوي فأضفى على خطوطه جمالاً آخر وقد أمضى حياته في بغداد حتى تحولت بفضل أعماله إلى مركز لفن الخط.

ومن المصاحف الجميلة التي وصلتنا من القرن الثامن مصحف تحتفظ به مكتبة سراي طوبقابي بخط أحمد بن السهروردي بقلم جلي المحقق، ومقاسه خمسون بخمس وثلاثون وقد كتبه للسلطان غازان محمود الخان سنة سبعين وستمائة هجرية ثم قام محمد بن أيبك بن عبد الله بتذهيب وزخرفة أجزائه جميعاً بأناقة حملت خصائص عصره، استخدم نبات زهر الرمان المحور ومراوح النخل وعسيبه وشكل الضفائر وخط رءوس السور بالخط الكوفي البديع المورق على أرضية زرقاء كامدة.

وسور آيات القرآن بتغييم زخرفي، وجعل في كل صفحة ثلاثة أسطر، ونقرأ فيه ? سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل للهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ? [البقرة: 142: 143]، إن أغلب الأجزاء من هذا المصحف وللأسف فقدت مع مرور الزمن والأجزاء المتبقية محفوظة منها ثلاثة في مكتبة سراي طبقابي وأربعة أخرى موزعة على إيران متحف بستان، وإيرلاندا مكتبة شيستر بيتي، وأميركا متحف المتروبوليتان وقد دام العمل في هذا المصحف سبع سنوات متواصلة حتى تم إنجازه، وأحمد بن يحيى السهروردي ولد في بغداد وكان يعرف بلقب ابن الشيخ وقد كتب في حياته ثلاثة وثلاثين مصحفًا وعددًا من خطوط الجلي على بعض عمائر بغداد لم يصل منها شيء، وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة هجرية وكان هذا المصحف الذي شاهدناه آخر أعماله الفنية.

ومن المصاحف الجميلة التي كتبت بالخط الريحاني وصلنا من القرن الثامن الهجري مصحف بخط علي بن أبي سالم وقد أهدي لمكتبة الملك الناصر محمد الأول سنة أربع عشرة وسبعمائة هجرية، وكتب بمداد السناج، وكتبت رؤوس السور بخط التوقيع بمداد الذهب المسور بالمداد الأسود، وطريقة الكتابة فيه مخالفة لقواعد الكتابة التي عرفت زمن المماليك وهي طريقة ياقوت في كتابة المصحف على شكل جداول وأما التنسيق في تباعد الأسطر فقد أغفل تماماً ونلاحظ تقارب وتراصَّ الأسطر عكس ما هو معروف كما نرى على هوامش الصحيفة طررًا لعلامات التخميس ودوائر محلاة لعلامات التعشير وفصل فيما بين الآيات بدوائر وردية منتظمة متناسقة تشبه بعضها بعضُا، وقد ورد اسم المجلد والمزخرف وهو عبد الله الصفوي الحلبي وهذا المصحف نموذج هام نادر من المصاحف التي خطت وزخرفت في دمشق الشام، و نقرأ فيها من رأس الصفحة من آخر سورة المدثر: ? كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً (52) كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الآَخِرَةَ (53) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير