تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويتمم هذا الجمال والجاذبية ما نراه من زخارف لرءوس السور وعلامات التخميس والتعشير على جوانب المصحف، ونرى دوائر محلاة في نهاية الآيات يشبه بعضها بعضاً، وآثر أن يبتكرها من أسلوب الضفائر، ويمثل هذا المصحف طراز مدرسة هارات، الذي حافظ على بريقه في عصر حسين بيقرا سنة 875.

ولنفس الخطاط والمذهب مصحف آخر في مكتبة "جيستر بيتي" بدابلن بإيرلاندا.

ومن النماذج الجميلة والفريدة التي تعبر عن مدى تعلق الخط .. وأناقة إخراج المصحف الشريف ما صنعه حمزة الشرفي في القرن السابع الهجري حين ترك لنا أثراً فنياً مبهراً في كتابته للخط الكوفي.

ففي مكتبة سراي "طوبقابي" عشر ورقات من مصحف شريف لنموذج بديع للخط الكوفي المزخرف.

ونلاحظ فيه امتداد الأحرف والتزيينات لوحدات زخرفية هي من أهم العناصر في أسلوب التذهيب الإسلامي.

ونرى أيضاً التشغير بمداد السناج الأسود بالذهب، وكتابة علامات التشكيل باللون الأحمر مما أعطى الكتابة شكلاً جذاباً، ولقد حاكى فيه الخطاط أساليب المماليك في الكتابة الكوفية، كما حفظ جلد المصحف باللاك على أسلوب بلاد ما وراء النهر.

ومما يبهر في هذه الأوراق باللاك، دون أن يمس سطح الورقة بعد تشعيره بالذهب.

ويعني هذا أن الخطاط حمزة الشرفي قام بكتابة الخطوط أكثر من مرة، ويعد هذا نادرة من النوادر.

وغطى جلد المصحف أيضاً بفتات الصدف، وتعد هذه الأوراق تحفة رائعة في فن الخط والزخرفة، وفي ختام الصفحات كتب الخطاط منوهاً إلى أن هذه الصفحات مقدمة إلى السلطان قنصوا القوري، ونقرأ في هذه الصفحة:

? ... (10) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) ? [الفتح: 10: 12].

خط المصحف الشريف كما لاحظنا بالخط الكوفي في القرون الخوالي، ثم تشرف الخط اللين ليحتل المكانة الرفيعة في كتابة المصحف، وكان السبق لخط النسخ والمحقق، ثم كان للثلث والريحان مجال، إلا أن خط التعليق الذي تطور في بلاد فارس وأصبح له الشأن الأكبر لم تكتب به المصاحف ولم يتقدم خطاطو الفرس بنماذج من المصاحف بخط التعليق أو كما يسمى في بلاد ما وراء النهر بالنستعليق.

وفي مكتبة سراي طبقابي باسطنبول مصحف بالتعليق للشاة محمود نيسابوري من تبريز.

ونقرأ سورة الشرح وسورة التين، وسورة العلق، وفيها:

? اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى (14) ? [العلق: 1: 14].

يعتبر هذا المصحف من أجمل المصاحف التي كتبت بخط التعليق، ومن المعروف أن هذا النمط من الخط لا يقبل التشكيل ولا العلامات؛ لأن أي إضافة عليه تفسد جماله وتناغمه، وبالرغم من ذلك فإن الخطاط هنا آثر أن يستعمل الرموز والشكل فجاءت الكتابة بهية الرونق جميلة الشكل رائعة المظهر، لقد كتب الشاه محمود هذا المصحف بطلب من شاه محمود بهادر خان، والذي قدمه بالتالي هدية للسلطان العثماني مراد الثالث.

وقد وقع الفراغ من كتابته في يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر المحرم، سنة 945 هجرية، والتي توافق سنة 1538 ميلادية.

وقام على تذهيبه أشهر المذهبين والنقاشين في ذلك العصر، وعلى رأسهم، المذهب والنقاش الشهير حسن البغدادي.

ويمثل جلد المصحف هذا نموذجاً بديعاً من التجليد في القرن العاشر الهجري.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير