تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي الزوايا الأربع لمتن الغلاف نرى الزخرفة الشبيهة بالسرة، وأما الربط فقط قسم الصفحة إلى أربعة أقسام متساوية، وفي أجزاءها وأطرافها الأربعة زخارف وأزهار جمالية من نبتة التوليب.

لم يكن محمد بن عبد الله أول نبي خاطب الناس باسم الوحي وأخبرهم بحديث السماء، وإنما كان من قبله أخيار اصطفاهم الله منذ نوح ليبلغوا رسالته، ويزرعوا الخير في الأرض وكان الوحي متماثلاً عند جميع الأنبياء فالمصدر والغاية واحدة، قال تعالى في سورة النساء:

? إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا (163) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) ? [النساء: 163، 164].

إن ما صرحت به الآية من أسماء أشهر أنبياء بني إسرائيل كان بسبب شهرتهم بين أهل الكتاب المجاورين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحجاز، ولذلك حرص القرآن العظيم على تسمية ما نزل على قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- وحيًا؛ ليشبه لفظ الوحي عند جميع النبيين.

قال تعالى: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) ? [النجم: 1: 4].

وقال: ? قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ? [يونس: 15].

وقال: ? وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِن رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُّؤْمِنُونَ (203) ? [الأعراف: 203].

لقد سمى القرآن العظيم هذا الدرب من الإعلام الخفي السريع وحيًا، ولم يبتعد عن معنى الأصل اللغوي لمادة الوحي والإيحاء، ومن معاني الوحي الإلهام الفطري للإنسان كقوله تعالى: ? وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ? [القصص: 7]، وقوله: ? وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) ? [المائدة: 111].

ومنه الإلهام الغريزي للحيوان كالذي في قوله تعالى: ? وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ? [النحل: 68]، ومنه الإشارة السريعة على سبيل الرمز والإيماء، كما في قوله عن زكريا: ? فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) ? [مريم: 11].

وعبر القرآن العظيم بالوحي عن وساوس الشيطان وتزيينه خوطر الشر للإنسان فقال: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) ? [الفرقان: 31].

وقال: ? وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ? [الأنعام: 121].

وعبر بالوحي عما يلقيه الله إلى الملائكة من أمره ليفعلوه كقوله: ? إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ? [الأنفال: 12].

أما تعبيره -سبحانه وتعالى- بالوحي عما يكلف الله الملك حمله إلى النبي من آية كتبه المنزلة فهو شديد الصلة بتعبيره بالوحي إلى النبي نفسه وما بين مدلولي التعبير من اختلاف لا يعدوا الوظيفة التي يتحملها ملك الوحي بالنقل الأمين، ويتحملها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالوعي والحفظ والتبليغ.

قال تعالى: ? فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) ? [النجم: 10].

ومدلول الوحي في هذه الآية كمدلول النزيل الصريح في الآية الأخرى في قوله تعالى: ? وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) ? [الشعراء: 192: 194].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير