تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ونقرأ في هذه الوثيقة آيات من سورة آل عمران من قوله تعالى: ? لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وللهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) ? [آل عمران: 188: 192].

إن التناسق في ترتيب السطور جاء مدروساً بأبعاده وأحجامه، ولا شك أن الكاتب قد عانى في صبره وهو يخط هذه الآيات على أرضية زرقاء قاتمة، وكل ذلك تقرباً إلى الله -سبحانه وتعالى- في حفظ تدوين كتاب الله -عز وجل- بأبهى حلة وأجمل شكل.

وفي الوثيقة التي جاءتنا من القيروان وهي هامة؛ لأنها توضح كتابة وتدوين القرآن العظيم في الفترة التي سبقت تطوير الخط المغربي، ولأنها خطت بالخط الكوفي المغربي، ونلاحظ في حروفه هيكل الحرف الذي مال فيما بعد إلى الليونة.

خطت هذه الوثيقة على الرق، ودونت بمداد بني قاتم داكن، ولونت علامات التشكيل بالأحمر دون أن تكون هناك فوارق بألوان النقط، ونحن نعلم أن المغرب استعملت فيه النقطة الصفراء لهمزة القطع، ونراها في هذه الوثيقة وقد نقطت باللون الأحمر على طريقة أبي الأسود، وما هو جديد في حروف هذا الخط الكوفي المغربي أن الكاتب قد جنح إلى الليونة والانضجاع في حروف الياء والنون، ونقط الحروف المعجمة على طريقة الخليل بن أحمد الفراهيدي مع شيء من التطوير.

ونقرأ في هذه الوثيقة من قوله تعالى من سورة هود: ? فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (30) ? [هود: 27: 30].

إن هاتين الصفحتين من القرآن العظيم هما في حالة حسنة، وهما ضمن مجموعة متحف مقاطعة "لوس أنجلوس".

وقد قامت الدراسات على هذه الوثيقة لتبيان التطورات التي جرت على رسوم الكتابة في المغرب العربي، والتي وصلت إلينا في هذا العصر على الطريقة اللينة المبسوطة.

ومن المصاحف النادرة التي خطت في العصر السلجوقي وصلتنا ثلاث صحائف من مصحف شريف كتب على الورق وبالخط الكوفي البديع، الذي يسميه علماء الكتابة من المستشرقين، الخط الكوفي المشرقي.

ونلاحظ في هذه الوثائق تغير قطع المصحف، وتطوره من شكل المستطيل الأفقي إلى الطولي، وفي الصفحة ستة أسطر، وقد أحيطت أسماء السور بزخارف ذهبية زاخرة، حيث تمتد أطرافها إلى هامش الصحائف بسعيفات ذهبية زرقاء.

انتشر هذا الخط الجميل في أحضان القرآن العظيم بعد ظهور الورق، ورافق تطوره تطور الزخرفة واتباع القطع الرأسي.

كل هذه التطورات بدأت منذ القرن الخامس الهجري، ونلاحظ في هذه الوثيقة مرصعة فيها نوع الصورة وهي مكية، كما نلاحظ جمال الخط الكوفي في رسم اسم السورة، وقد صاحبته الزخارف تنم عن ذوق رفيق لأشكال ورقة التين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير