تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والمدهش في هذا المصحف أن علامات التخميس والتعشير والأحزاب والأجزاء والأرباع قد رسمت كل واحدة منها بشكل مستقل تختلف عن أختها، ويدل هذا على خصب خيال المفن الذي ذهب ووشح هذا المصحف الشريف.

وبالرغم من أن الحافظ عثمان قد كتب أكثر من أربعين مصحفاً لم يبقى منها إلا القليل فإن هذه النسخة المتميزة تحمل أسلوبه في الكتابة، وتعبر عن السحر الحلال الذي وصل إليه خط النسخ حتى اختص بكتابة القرآن العظيم، واشتهر بمصر في أوائل القرن الهجري الحالي أواخر القرن التاسع عشر مصحف رضوان، الذي طبع سنة 1308 هجرية، الموافق لسنة 1890 ميلادية.

إلا أن المصحف الذي فاق كافة المصاحف المطبوعة شهرة هو المصحف الذي طبع في زمن ملك مصر فؤاد الأول، في اليوم السابع من شهر ذي الحجة لسنة 1342 هجرية، وقد كتب بخط النسخ الجميل، وصنعت حروفه بألمانيا، وضبط ضبطاً تاماً على ما يوافق رواية حفص بن سليمان بن مغيرة الأسدي الكوفي لقراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي التابعي، وأخذ هجاؤه مما رواه علماء الرسم عن المصاحف التي بعث بها عثمان بن عفان إلى البصرة والكوفة والشام ومكة.

والمصحف الذي جعله لأهل المدينة، والمصحف الذي اختص به نفسه، وعن المصاحف المنتسخة منها.

وعلى الجملة كل حرف من حروف هذا المصحف موافق لنظيره في مصحف من المصاحف الستة السابق ذكرها.

والعمدة في بيان كل ذلك على ما حققه محمد بن محمد الأموي المشهور بالخراز، مع إبدال علامات الأندلسيين والمغاربة بعلامات الخليل ابن أحمد وأتباعه من المشارقة.

واتبعت في عد آياته طريقة الكوفيين، وآي القرآن على طريقتهم 6236 آية، وأخذ بيان أوائل أجزائه الثلاثين، وأحزابه الستين، وأرباعها من الصفاقسي وبيان مكيه ومدنيه من كتب القراءة والتفسير، وأخذ بيان السجدات ومواضعها من كتب الفقه، وبيان السكتات من الشاطبية، ووضع الصفر المستدير فوق حرف علة يدل على زيادة ذلك الحرف، فلا ينطق به في الوصل ولا في الوقف، نحو قوله تعالى: ? قَالُوا ? وقوله: ? يَتْلُو صُحُفًا ? وقوله: ? لأَذْبَحَنَّهُ ? وقوله: ? وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) ? وقوله: ? إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلَ ? وقوله: ? بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ?. ووضع الصفر المستطيل القائم فوق ألف بعدها متحرك يدل على زيادتها وصلاً لا وقفاً، نحو ? أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ? وقوله: ? لَكِنَّ هُوَ اللهُ رَبِّي ? وقوله: ? وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ? وقوله: ? هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ ? وقوله: ? كَانَتْ قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ (16) ? وأهملت الألف التي بعدها ساكن نحو ? أَنَا النَّذِيرُ ? من وضع الصفر المستطيل فوقها، وإن كان حكمها مثل التي بعدها متحرك في أنها تسقط وصلاً وتثبت وقفاً لعدم توخم ثبوتها وصلاً.

ووضع رأس فاء صغيرة بدون نقطة فوق أي حرف ساكن نحو ? مِنْ خَيْرٍ ? ? وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ? ? بِعَبْدِهِ ? ? قَدْ سَمِعَ ? ? فَقَدْ ضَلَّ ? ? نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ ? ? أَوَعَظْتَ ? ? خُضْتُمْ ? ? وَإِذْ زَاغَتِ ?.

وتعرية الحرف من علامة السكون مع تجديد الحرف التالي يد على إدغام الأول في الثاني إدغاماً كاملاً نحو ? أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا ? ? يَلْهَثْ ذَلِكَ ? ? وَقَالَت طَّائِفَةٌ ? ? وَمَن يُكْرِهُّهنَّ ? ? أَلَمْ نَخْلُقكُّم ?.

وتعريته مع عدم تشديد التالي يدل على إخفاء الأول عند الثاني، فلا هو مظهر حتى يقرعه اللسان، ولا هو مدغم حتى يقلب من جنس تاليه نحو: ? مِن تَحْتِهَا ? ? مِن ثَمَرَةٍ ? ? إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ ?.

أو إدغامه فيه إدغاماً ناقصاً نحو: ? مَن يَقُولُ ? ? مِن والٍ ? ? فَرَّطتُمْ ? ? بَسَطتَ ?.

ووضع ميم صغيرة بدل الحركة الثانية من المنون أو فوق النون الساكنة بدل السكون مع عدم تجديد الباء التالية يدل على قلب التنوين أو النون نحو: ? عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ? ? جَزَاءً بِمَا كَانُوا ? ? كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) ? ? مِن بَعْدِ ? ? مُّنبَثًّا ?.

والحروف الصغيرة تدل على أعيان الحروف المتروكة في المصاحف العثمانية مع وجوب النطق بها نحو: ? ذَلِكَ الْكِتَابُ ? ? دَاوُدُ ? ? يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ ? ? يُحْيِي وَيُمِيتُ ? ? أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا ? ? إِنَّ وَلِيَّيَ اللهُ ? ? إِلَى الْحَوارِيِّينَ ? ? إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ ? ? إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ? ? بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ ? ? وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ?.

وكان علماء الضبط يلحقون هذه الأحرف بقدر الحروف الأصلية، ولكن تعسر ذلك في المطابع فاكتفي بتصغيرها في الدلالة على المقصود.

هذه هي بعض علامات التي تهتم بضبط القراءة من أجل النطق بقراءة صحيحة للقرآن العظيم.

ونشاهد الجهود التي بذلت من أجل إخراج النص على هذه الصورة البديعة، وقد خط حروف هذا المصحف الذي اعتمد عليه كل من خط أو طبع مصحفاً من بعد الأستاذ الشيخ محمد بن علي بن خلف الحسيني شيخ المقارئ المصرية.

وعرف المصحف في كل أصقاع العالم الإسلامي باسم مصحف الملك، وطبع منه ملايين النسخ، وأعيد طبعه مرات ومرات حتى كان طبع مصحف المدينة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير