و من العلماء الذين ألفوا في التفسير خلال القرن الثاني عشر أحمد البوني [نسبة الى مدينة بونه و هو الاسم القديم لمدينة عنابة و تقع في أقصى الشرق الجزائري) و حسين العنابي و عنوان تأليف البوني هو (الدر النظيم في فضل آيات القرآن العظيم) (4) و يبدو من هذا العنوان أن البوني لم يتناول التفسير بالمعنى المتعارف عليه و إنما خص بعض الآيات من القرآن [الكريم] مستخرجا منها المعاني التي تناسب الزهد و التصوف و الآداب العامة.
أما [حسين] العنابي فقد تولى الإفتاء عدة مرات في الجزائر و كان من ابرز علماء الحنفية و إذا كانت حياته في الوظيفة معروفة من خلال سجلات الإدارة العثمانية [سنقدم ترجمة موجزة له و لباقي العلماء بإذن الله] فإن حياته العلمية ما تزال غير معروفة و لا نكاد نعرف عنها أكثر مما ذكره حفيده محمد بن محمود بن العنابي الذي ذكر في تأليفه أن لجده تفسيرا للقرآن الكريم و قد نقل عنه عدة مرات مستشهدا بكلامه و لم يصل تفسير حسين العنابي إلينا و لكن إشارات حفيده تفيد بأنه أتم تفسيره كاملا فهو يقول "قال مولانا الجد الأكبر حسين بن محمد رحمه الله في تفسيره" و مما نقل عن تفسيره لقوله تعالى "نحن أولياؤكم" حيث قال حسين العنابي "أي تقول لهم الملائكة عند نزولهم للبشرى نحن أولياؤكم أي أنصاركم و أحبائكم في الحياة و الدنيا فنلهمكم الحق و نحملكم على الخير و في الآخرة بالشفاعة و الكرامة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة ... " (5).
و لم يذكر ابن العنابي عنوانا لتفسير جده و لا حجمه و لكن عبارته تدل على أنه كان يملك نسخة منها يستعملها عند الإستشهاد و لم نطلع نحن على عمل آخر لحسين العنابي حتى يساعدنا في الحكم على تفسيره و الظاهر أنه تفسير ديني بالدرجة الأولى.
و هناك عالمان متعاصران ألف كلامهما في التفسير و هما أبو راس الناصر محمد الزجاي و كلاهما أيضا جمع إلى الثقافة الدنيوية ثقافة صوفية و دينية قوية فأما أبو راس فقد ذكر أنه قد وضع تفسيرا للقرآن الكريم في ثلاثة أسفار و أنه جعل كل سفر يحتوي على عشرين حزبا و سماه (التيسير إلى علم التفسير).
هامش:
(1) ذكر محمد بن عبد الكريم (المقري و كتابه نفح الطيب ص280): إن للمقري تأليفا عنوانه (إعراب القرآن) و أنه في المكتبة الوطنية بباريس.
(2) المحبي (خلاصة الأثر) 3/ 173.
(3) محمد بن عبد الكريم (مخطوطات جزائرية في مكتبات إسطنبول) ص 11 – 12 فقد ذكر أن نسخة من هذه الأجوبة (الحاشية) تبلغ 718 ص و أن نسخة أخرى منها تبلغ 810 ص، وانظر أيضا مجلة (المورد) العراقية 7 (1978) 313 فقد ذكر هنا أن عدد الأوراق 259 ورقة.
(4) المعرض الخامس لجائزة الحسن الثاني للمخطوطات 1973 ضمن مجموع رقم 406 ر انظر أيضا (غريب القرآن) لمحمد بن عبد الله المجاسي (المجاجي) الجزائر 413 بروكلمان 2/ 987.
(5) انظر كتاب (مفتي الجزائر ابن العنابي) ص 100 ط 2 منه.
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[08 Jun 2007, 10:39 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
...... تتمة – لم انقل كل المقال و ذلك في انتظار فتح صفحة ثانية حتى لا تطول هذه الصفحة بارك الله فيكم -
و مما لا شك فيه أن هناك أعمالا أخرى في التفسير لم نهتد إليها و في هذا الصدد نذكر أن ابن على الشريف الشلاطي (محمد بن على) قد ذكر أن من بين تآليفه عملا بعنوان (تفسير الغريب للمبتدئ القريب) و هو عنوان غامض لا نفهم منه بالضرورة أنه في تفسير القرآن الكريم كما لا نفهم منه أنه موجه إلى الطلاب المبتدئين في هذا الميدان فإذا صح أن هذا العمل هو تفسير للقرآن بطريقة بسيطة فإن مؤلفه قد يكون لجأ فيه إلى المعلومات التاريخية و الفلكية لأنه قد الف أيضا في التاريخ الإسلامي و الفلك كما أن الشيخ عمر بن محمد المحجوب المعروف بالبهلول الزواوي قد كتب تفسيرا للقرآن يبدو أنه أنتهى منه حتى أصبح يعرف بـ (تفسير البهلول) و قد قيل عن البهلول و تفسيره هذه العبارة " .... و كان رجلا عاميا كتب في التفسير بما عن له من عبارت و كلام بعضه لا صلة له بالتفسير و انما هو جمع لأقاويل فقهية و حديثية .. " و الظاهر أن كلمة "عاميا" إنما تعني أنه قد أملى تفسيره على تلاميذه بشيء من البساطة في العبارة أو أنه كان غير عميق في معانيه فظهر لمن اطلع عليه أن صاحبه عامي الثقافة.
¥