تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكان الثعالبى إماماً علاَّمة مُصَنِّفاً في التفسير و القراءت و الحديث الشريف يدل على ذلك ما خلَّفه للناس من كُتب كثيرة نافعة، منها: "الجواهر الحسان فى تفسير القرآن" وهو التفسير الذى نحن بصدده، وكتاب " المختار من الجوامع، في محاذاة الدرر اللوامع " [طبع بالمطبعة الثعالبية بالجزائر سنة 1324 هـ لصاحبها أحمد بن مراد التركي]

و هو تقييد جمع فيه فوائد وشروح للأرجوزة الشهيرة في القراءات

" الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع " لأبي الحسن علي بن بري التازي.

و " الذهب الإبريز فى غرائب القرآن العزيز"، و" تحفة الإخوان فى إعراب بعض آيات القرآن"، وكتاب " جامع الأُمهات فى أحكام العبادات "، وغير ذلك من الكتب النافعة فى نواح علمية مختلفة.

* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:

(( ... نستطيع أن نأخذ فكرة عامة واضحة عن هذا التفسير من كلام مؤلِّفة نفسه الذى ذكره فى مقدمته وخاتمته. ثم قال: "وما نقلته من الأحاديث الصحاح والحسان عن غير البخارى ومسلم وأبى داود والترمذى فى باب الأذكار والدعوات، فأكثره من النووى وسلاح المؤمن. وفى الترغيب والترهيب وأصول الآخرة، فمعظمه من التذكرة للقرطبى، والعاقبة لعبد الحق. وربما زدت زيادة كثيرة من مصابيح البغوى وغيره، كما ستقف إن شاء الله تعالى على كل ذلك معزواً لمحاله. وبالجملة فكتابى هذا محشو بنفائس الحِكَم، وجواهر السُنن الصحيحة، والحسان المأثورة عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وسميته بالجواهر الحسان فى تفسير القرآن" ... )) (الدكتور محمد حسين الذهبى - التفسير و المفسرون ص 38)

و قد انتهى من تأليفه في 25 ربيع الأول سنة833 هـ، كما جاء في آخر الجزء الثاني، و معنى هذا ان الثعالبي قد عاش 40 سنة بعد تأليفه مما يعني أنه من أوائل تآليفه و هذا مما يدعو الى الاستغراب و التأمل كيف استطاع و هو في مقتبل العمر أن يحمع كل هذه المعارف و العلوم التي نقل منها في تفسيره أو أشار اليها، فبالرغم من أنه أعتمد كما ذكر في مقدمة تفسيره على تفسير ابن عطية و تفسير الطبري، لكن المطالع لتفسيره يجد انه يرجع الى ما بقارب المئة (100) كتاب و مرجع اكد على هذا الرقم في مقدمة تفسيره، وقد التزم رحمه الله بكل ما تعهد به في المقدمة بحيث أنه لا ينقل شيئا إلا بلفظ صاحبه خشية الوقوع في الخطأ و هذا ما نسميه في عصرنا اليوم بالأمانة العلمية، و قد قال في مقدمة تفسيره بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإنى قد جمعت لنفسى ولك فى هذا المختصر ما أرجو أن يقر الله به عينى وعينك فى الدارين، فقد ضمَّنته بحمد الله المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية، وزدته فوائد جمَة، من غيره من كتب الأئمة، وثقات أعلام هذه الأُمَّة، حسبما رأيته أو رُوِيته عن الإثبات وذلك قريب من مائة تأليف، وما فيها تأليف إلا وهو لإمام مشهور بالدين ومعدود فى المحققين، وكل مَنْ نقلت عنه من المفسِّرين شيئاً فمن تأليفه نقلت، وعلى لفظ صاحبه عوَّلت، ولم أنقل شيئا من ذلك بالمعنى خوف الوقوع فى الزلل، وإنما هى عبارات وألفاظ لمن أعزوها إليه، وما انفردتُ بنقله عن الطبرى، فمن اختصار الشيخ أبى عبد الله محمد ابن عبد الله بن أحمد اللخمى النحوى لتفسير الطبرى نقلت، لأنه اعتنى بتهذيبه".

و المطالع لهذا التفسير يكتشف تصوف الثعالبي المبكر، اذ انه يحتوى على رؤى صوفية و منامات، و مواعظ اشتهر بها رجال التصوف، فقد ذكر الثعالبى أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم عدة مرات أثناء أشتغاله بالكتاب، و أنه آكله و زار بيت كتبه و دعا له، و ذكر في مقدمة تفسيره: " اني رأيت لكتابي هذا المسمى الجواهر الحسان فى تفسير القرآن .. عجائب و أمور مباركة لا يمكنني الآن استيفاء جمعها ... ، و اخشى ان يكون من باب افشاء أسرار الله التي لا يمكن ذكرها الا باذن من أهلها، أهل الذوق" أ. هـ (1).

لكنه يبقى من التفاسير المفيدة الممتعة و الذي احتوى على فوائد جمة كما انه يمتاز عن غيره من تفاسير عصره بخلوه من الحشو المُخِل، والاستطراد المُمِل وهذا حسب رأي الشخصي مع علمكم بأن بضاعتي مزجاة، والله أعلم.

هوامش

(1) مخطوط المكتبة الوطنية ببارس - فرنسا- تحت رقم 460 في جزئين، و هو من أقدم نسخ هذا التفسير و أجودها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير