تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في نفس الوقت ما يفيدني من معلومات عن الحياة في الشرق حتى بالنسبة لشروط الانتساب إلى المعاهد الأزهرية لأنني لم ألق البتة بفكرة الهجرة إلى الشرق عرض الحائط فبقيت تخامرني فترة كمهندس ينشئ هناك إحدى الصناعات وأخرى كطالب أزهري يبحث في مناهج التفسير " (2)

وكان القصد من تأليف بن نبي "الظاهرة القرآنية " هو إحداث ثورة منهجية في مجال مناهج التفسير وتزويد المثقف المسلم المحتك بالثقافة الغربية الحديثة بأسس راسخة تسمح له بتأمل ناضج وواع للدين الإسلامي (3).

يقول بن نبي في المدخل لدراسة الظاهرة القرآنية:"ولذا حاولنا أن نجمع العناصر التي بقيت من الأصل مكتوبة في قصاصات أو مسجلة في الذاكرة فأنقذنا بذلك –على مانعتقد جوهر الموضوع – وهو الاهتمام بتحقيق منهج تحليلي في دراسة الظاهرة القرآنية وهو منهج يحقق من الناحية العلمية هدفاً مزدوجاً هو:

أنه يتيح للشباب المسلم فرصة التأمل الناضج في الدين.

وأنه يقترح إصلاحاً مناسباً للمنهج القديم في تفسير القرآن الكريم " ((4) [من مقال للأستاذ محمد الدراجي منشور بالمجلة الجامعية الموافقات للدراسات الإسلامية ع: 3 - ذو الحجة1414هـ - جوان 1994م - المعهد الوطني العالي لأصول الدين- الجزائر)

عالج مالك بن نبي في (الظاهرة القرآنية) عدة قضايا، كما قلنا، دلائل النبوة، وعلم التفسير، ومسألة إعجاز القرآن، ومقارنة النصوص القرآنية ببعض نصوص الكتب المقدسة الأخرى. ورد ابن نبي على بعض آراء المستشرقين في مسألة الأصول النفسية والأدبية للتراث العربي قبل الإسلام وصلته بالقرآن وإعجازه. واعتمد على بعض النظريات الحديثة وثقافته العلمية الواسعة وعلى بعض المذاهب النفسية والأدبية التي ظهرت منذ الحرب العالمية الأولى، من أجل إثبات نظريته في إعجاز القرآن ودلائل النبوة. وإذا نظرنا إلى كتاب (الظاهرة القرآنية) على أنه أول تأليف له ضمن سلسلة من المؤلفات اللاحقة، علمنا الأساس الذي انطلق منه ابن نبي في اتجاهه الفكري، وهو تنوير الشباب الإسلامي ورط الحاضر بعهد النهضة الإسلامية الأولى، وبث روح الأمل و الانطلاق نحو نهضة إسلامية جديدة، ومن يتأمل مذكراته جيدا يدرك أن ابن نبي كان خلال عقدين (1925 – 1947) يحضر نفسه لهذا الدور، وقد طالب ابن نبي. " ... بإعادة النظر في منهج التفسيرواقترح منهجاً اجتماعياً يتماشى والتجربة التاريخية التي مر بها العالم الإسلامي وقد قدم بن نبي نماذج لهذا المنهج في بعض كتبه , نلتمسها هناك.

النموذج رقم 1:تفسير قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) * الرعد:11* في كتابه شروط النهضة تعرض لها بالتفسير الاجتماعي.

يقول بن نبي: إننا نجد في القرآن الكريم النص المبدئي للتاريخ التكويني (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)

وينبغي أن لا نقرر هذا المبدأ حسب إيماننا به فقط ,بل يجب أن يكون تقريره في ضوء التاريخ.

و"نعم " لا تجدي كجواب عن السؤال المطروح أمامنا , إلا إذا تأكدنا من شرطين:

أولهما: هل المبدأ القرآني سليم في تأثيره التاريخي؟

ثانيهما: هل يمكن للشعوب الإسلامية تطبيق هذا المبدأ في حالته الراهنة؟

ويجيب بن نبي عن السؤال الأول بعد أن حلل دورتين من أدوار الحضارة هما الحضارة الإسلامية , والحضارة المسيحية.

فيقول:" ومن هنا يستطيع المؤمن إدراك الحقيقة الساطعة التي يفسرها التاريخ في الفقرة التي وردت في أحد الكتب القديمة:"في البدء كانت الروح ".ومن المعلوم أن جزيرة العرب مثلا لم يكن بها قبل نزول القرآن إلا شعب بدوي يعيش في صحراء مجدبة يذهب وقته هباءً لا ينتفع به , لذلك فقد كانت العوامل الثلاثة:الإنسان والتراب والوقت راكدة خامدة , وبعبارة أصح مكدسة لا تؤدي دوراً ما في التاريخ ,حتى إذا ما تجلت الروح بغار حراء كما تجلت من قبل بالوادي المقدس , أو بمياه الأردن نشأت من بين هذه العناصر الثلاثة المكدسة حضارة جديدة , فكأنما ولدتها كلمة "إقرأ" التي أدهشت النبي الأمي [صلى الله عليه وسلم] وأثارت معه وعليه العالم , فمن تلك اللحظة وثبت القبائل العربية على مسرح التاريخ حيث ظلت قروناً طوالا تحمل للعالم حضارة جديدة وتقوده إلى التمدن والرقي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير