تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و في سنة 1846 إنخفض عدد هذه المدارس إلى 14 فقط يتردد عليها بين 320 و 400 تلميذ. و مع ذلك فإن الأولياء كانوا يفضلون هذا النوع من المدارس لأولادهم على المدرسة الفرنسية.

لقد كانت المدارس تحت إشراف " الطُلْبَة " الذين يعلمون التلاميذ اللغة العربية و القرآن الكريم و مبادئ الدين و هي منتشرة بكثرة خارج العاصمة، سيما قسنطينة و منطقة زواوة [القبائل]. و يقول التقرير أن هذه المدارس بقيت حتى الآن (1846) خارج مراقبة السلطات الفرنسية. و قد أوصى التقرير بضرورة وضع كل أنواع التعليم تحت الرقابة، لأن " الوجود الفرنسي لا يمكن أن يتأسس نهائيا ... إلا إذا تولت السلطة المديرة تعليم كل الأجيال الجديدة في البلاد و أمسكته بيدها)

و في تقرير أوغيست ليبيشو عن التعليم وصف حي للتجربة الإسلامية فيه و مدى معاناته بعد الإحتلال و كان السيد ليبيشو نفسه مسؤولا عن التعليم في الجزائر.

و قد شهد أن التعليم العربي- الإسلامي كان منتشرا في المدن و الأرياف و حتى في الخيام. و كانت المدارس و الزوايا تضم الكتب والمخطوطات أيضا. و لكن كل ذلك تغير، حسب رأيه، فالحملات العسكرية بعثرت كل تجمعات الطلبة و العلماء. و لم يبق إلا بعض المدارس التي لا تقدم سوى تعليم غير كامل على الإطلاق. ذلك أن دراسة الدين قد أهملت، بينما لا يمكن فهم الدين إلا بالرجوع إلى الشروح التي يجب لفهمها إتقان اللغة العربية. و أصبح المتعلمون نادرين تدريجيا. و بذلك كثر أعداء فرنسا، حسب قوله. أما عن المخطوطات فقد قال أنها أيضا تبعثرت و أتلفت في معظمها، و كانت هي أساس التعليم. و قد جاء في تقرير الجنرال دوماس أنه بعد عشرين سنة من الإحتلال لم يعد في إمكان السلطات الفرنسية أن تجد من توظفه في القضاء إلا بصعوبة. و تمثل ذلك في الشؤون الدينية و التعليمية الأخرى. أما عن الأدب و الثقافة و الفن فلم يبقى من يحسن هذا الفن حسب قوله.

و تؤكد مختلف الكتابات الفرنسية على هذا التحول الذي أصاب التعليم الإسلامي العربي –نتيجة الاحتلال. و قد جاء في إحداها أن التعليم التقليدي (و هو ما نسميه الأصلي) قد توقف عن أداء مهمته، لظروف الحرب من جهة، و الإستيلاء على الأوقاف من جهة أخرى، و هجرة المعلمين أو نفيهم من جهة ثالثة. فقد خربت المدارس الثانوية (وهي التي كان منها يتخرج العلماء)، و غادر المتعلمون الزوايا القريبة من مراكز الإحتلال. و الأساتذة أما اكتفوا بأداء الشعائر الدينية دون التعليم و أما انتقلوا إلى أماكن غير محتلة.

و أمتنع " الأهالي " عن إرسال أولادهم إلى المدرسة الفرنسية، لأن المدرسة في نظرهم هي التي يتعلم فيها الطفل القرآن [الكريم] و كيفية أداء الصلوات و قواعد الدين، بينما المدرسة الفرنسية تعلمهم مبادئ دين أخر [المسيحية].

و من ثمة إقترح صاحب التقرير (و هو غير مذكور): العودة إلى النظام القديم في التعليم الإبتدائي و الثانوي (بعد خمسة عشر عاما من الإهمال، لأن التقرير مكتوب حوالي 1845). مع الرقابة التامة و الدقيقة للفرنسيين على هذا التعليم حتى في إختيار المؤدبين في الابتدائي و المدرسين في الثانوي، و اقترح كذلك جلب المعلمين من تونس و مصر، لخلو الجزائر منهم عندئذ أو لعداوتهم للفرنسيين.

أما بالنسبة للتعليم العالي فقد أقترح التقرير تركه إلى وقت أخر، أي عندما يصل الجيل الذي سيتكون تحت الإدارة الفرنسية إلى المرحلة العالية. و معنى ذلك توقيف دورة الحياة العلمية. و ما دام القرآن [الكريم] نفسه قد مجد العلم فقد إقترح صاحب التقرير أن يبقى التعليم التقليدي على ما هو عليه في المدارس الصناعية و الزراعية (الفرنسية) لأن المسلمين سيقبلون عليه باعتباره واجبا دينيا. و من الطبيعي أن يوصي التقرير بأن الهدف من كل هذه المحاولات هو خدمة الوجود الفرنسي في الجزائر.

و بعد إحتلال قسنطينة كتب الجنرال بيدو تقريرا عن التعليم فيها، و قدمه إلى وزير الحرب. و قد جاء فيه أن تعليم في قسنطينة كان منتشرا بصورة غير متوقعة للفرنسيين، فقد كان فيها مدارس من مختلف المستويات الإقليمية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير