ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 01 - 2009, 08:31 ص]ـ
ومن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول الناس، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية فمن لقيهم فليقتلهم، فإن قتلهم أجر عند الله)
يخرج في آخر الزمان: "أل" في الزمان عهدية تشير إلى زمان بعينه وهو زمن الخلافة الراشدة فقد خرجت الخوارج في آخره عقب مقتل عثمان رضي الله عنه.
قوم أحداث الأسنان: من إضافة الصفة إلى الموصوف، فتقدير الكلام: أعمارهم حديثة، أي: صغيرة: فالصغر مظنة الطيش والتهور في إصدار الأحكام مع قلة العلم كما هو مشاهد في كل الأعصار والأمصار.
سفهاء الأحلام: من إضافة الصفة إلى الموصوف، أيضا، فتقدير الكلام: أحلامهم سفيهة، وقد يقال بالاستعارة هنا من سفه الثوب، وهو خفة نسجه، فحذف المشبه به وهو الثوب خفيف النسج، وكنى عنه بوصف من أوصافه هو: خفة نسجه، وقد وقعت الاستعارة في اسم مشتق: سفيه، فتكون تبعية من هذا الوجه.
يقولون من خير قول الناس: إشارة إلى كثرة العبادة وتلاوة القرآن بلا فقه أو تدبر.
يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية: تشبيه تمثيلي انتزع من صورة متعددة هي صورة خروج السهم من القوس كناية عن سرعة خروجهم عن أحكام الشرع.
من لقيهم فليقتلهم: شرط أريد به إلهاب المخاطبين وحملهم على قتل أولئك المارقين صيانة للدين وأهله.
فإن في قتلهم أجرا عند الله: تعليل لما تقدم، ففي الكلام حذف لسؤال مقدر عن علة المبادرة إلى قتلهم، فجاء الجواب: فإن في قتلهم ............... ، وهذا ما اصطلح البلاغيون على تسميته بـ: شبه كمال الاتصال.
*****
ومن قوله صلى الله عليه وعل آله وسلم: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم)
بايعنا: استعارة من المبايعة الحسية إلى إعطاء العهد على الطاعة، فقد يقال هنا بالاستعارة التصريحية في الفعل "بايع" الذي يدل على مستعار له محذوف يقدر بما يدل على الرضا بأمر المبايع له.
على السمع والطاعة: عطف متلازمين.
في العسر واليسر، والمنشط والمكره: طباق يدل على عموم الأحوال، وفيه أيضا جناس يزيد الألفاظ سهولة وانسيالا على الألسنة، وسرعة في الحفظ والاستحضار.
وأن لا ننازع الأمر أهله: صيغة المضارع تدل على استحضار الفعل، على وزان: (وأن تصوموا خير لكم).
و: "أل" في الأمر: عهدية تشير إلى معهود بعينه هو: أمر الحكم والسياسة.
وأن نقول الحق حيثما كان: فيه من الاستحضار ما في: "وأن لا ننازع"، بل هو أولى بالاستحضار لأنه فعل بخلاف عدم المنازعة، فإنه كف، والفعل خير من الكف.
لا نخاف في الله لومة لائم: قد ينزل منزلة العلة لما قبله، فقد بايعناه على ذلك لأننا لا نخاف في الله لومة لائم.
وفي: "لومة" و "لائم" جناس باعتبار كليهما مشتقا من أصل كلي واحد هو مادة: "اللوم".
*****
ومن حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (تكون فتنة كرياح الصيف، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، من استشرف لها استشرفته).
فتنة: تنكير للتعظيم.
كرياح الصيف: تشبيه مرسل مجمل حذف وجه الشبه فيه، فتقدير الكلام: كرياح الصيف في شدتها.
القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي: تدرج من الأعلى إلى الأدنى في المدح، ومن الأدنى إلى الأعلى في السعي في تلك الفتنة.
من استشرف لها استشرفته: زيادة المبنى تدل على الزيادة في المعنى فالألف والسين والتاء تدل على تكلف طلب الأمر والحرص عليه، وهذا أبلغ في الذم، فهو حريص على التصدر في تلك الفتنة، متكلف، أيما تكلف في طلب أسبابها.
استشرفته: جناس يناسب المقام، فالجزاء من جنس العمل.
وفي الشرط معنى الوعيد، فهو خبري المبنى طلبي المعنى، فتقدير الكلام: لا تستشرفوا للفتن إذا أقبلت.
¥