تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 01 - 2009, 07:41 ص]ـ

ومن ذلك أيضا:

التشبيه التمثيلي في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إن أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق ثلاثا وسبعين ملة»، يعني الأهواء، «كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة». وقال: «إنه سيخرج في أمتي قوم يتجارى بهم كما يتجارى الكلب بصاحبه، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله".

فإنه شبه أهل الأهواء في اضطرابهم بصورة مركبة من شخص أصابه داء الكلب فهو مضطرب الأعضاء، فضلا عن تشرب بدنه الداء، فكذلك المبتدع قد تشرب قلبه البدعة فلم يعد فيه موضع إلا حلته الشبهة، كما لم يعد في جسد المريض بداء الكلب عضو إلا حله الداء.

&&&&&

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء".

بدأ الإسلام: مجاز إسنادي، فالغربة: غربة أهل الدين لا غربة الدين فهو محفوظ من لدن بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى قيام الساعة، ولو كفر أهل الأرض جميعا مصداق قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

وسيعود غريبا: إخبار عن آت لا معنى للطلب فيه، ولا معنى للإقرار فيه، وإنما محض خبر عن قضاء كوني نازل، فليس الرضا به مرادا شرعيا، ليقال بأن ذلك أمر واقع!!!، لا بد من التعايش معه ولو بالتنازل عن ثوابت الدين كما يروج دعاة العلمانية والعقلانية، أسفه الناس عقولا، في العصر الحاضر، فالخبر فيه جار مجرى خبر وقوع الافتراق على 73 فرقة، إذ الفرقة ليست مقصودا شرعيا، بل هي مقدور كوني، والفرقة شر يجب على المسلمين رفعه بأسباب الاجتماع الشرعية لا بحيل "التقريب" الباردة.

فطوبى: تعقيب بالفاء تسلية للغرباء بالمسارعة في البشرى، فإن كنتم غرباء في الدنيا، فطوبى لكم في الآخرة، وسوغ الابتداء بطوبى: معنى الدعاء فيها، على وزان: ويل وويح. وما أحوج الغرباء في زماننا من المستضعفين إلى مسلٍ في محنهم التي لا تنتهي، وصبرا آل ياسر!!!.

&&&&&

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إنما الجماعة ما وافق طاعة الله، وإن كنت وحدك".

"أل" في الجماعة: عهدية تشير إلى الجماعة الشرعية الممدوحة.

والقصر بـ: "إنما": قصر إضافي باعتبار الوصف الشرعي المعهود في "الجماعة".

والجماعة في الأصل: مصدر فهي دالة على اسم معنى اشتق منه فعل الاجتماع، ومن ثم نقل إلى القوم المجتمعين فهو من قبيل: الحقيقة العرفية أو المجاز المشتهر وهما مقدمان بالإجماع على الحقيقة اللغوية الوضعية.

ويرجح قصد المعنى اللغوي دون الشرعي هنا أن الخبر: "ما" يدل على الأوصاف لا الأعيان، على وزان قوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)، فالمقصود ما يستطاب من أوصاف النساء بغض النظر عن أعيانهن فليس المقصود امرأة بعينها.

فلو أراد الأعيان لقال: فانكحوا من طاب، ولو أراد ابن مسعود، رضي الله عنه، أعيان المجتمعين لقال: "من"، ولكنه أراد الوصف، إذ الوصف ثابت لا يتغير بتغير الأمصار والأعصار، بخلاف المجتمعين فإن الحق قد يظهر في عصر أو مصر فيصير أهله السواد الأعظم، وقد يخفى حتى لا يوجد لأهل الحق جماعة أصلا، وفي حديث عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، مرفوعا: (فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلَ وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ).

وسأل علي بن الحسن: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ مَنْ الْجَمَاعَةُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قِيلَ لَهُ قَدْ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ قِيلَ لَهُ قَدْ مَاتَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ جَمَاعَةٌ.

فأبو حمزة: واحد في العين: جماعة في الوصف، فيصح إطلاق وصف الجماعة عليه وإن لم يكن على الأمر الأول إلا هو، أو هو من باب: التمثيل للعام بذكر أحد أفراده، فهو فرد من أفراد الجماعة المسلمة التي تمسكت بطريقة السلف.

ويؤيده ما روي في صدر الأثر:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير