تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة": فـ: "أل" في "الجماعة" الأولى: جنسية استغراقية لعموم أفراد المجتمعين، فهي على الحقيقة العرفية التي وضعت لها، و "أل" في "الجماعة" الثانية: عهدية على ما تقدم بيانه.

فجمهور الناس يفارق طريقة أهل الحق، ومع ذلك يبقى الحق حقا، وإن رده كل الخلق، كما يبقى الرب ربا، وإن كفر به كل أهل الأرض مصداق قوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ).

وفي الكلام جناس تام بين: "الجماعة" الأولى و: "الجماعة" الثانية، على وزان قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ).

وقد أكد المعنى بـ: "ضمير الفصل": "هي".

ما وافق طاعة الله: تعليق للحكم على الوصف الذي اشتقت منه جملة الصلة: "وافق"، فمناط الأمر: موافقة الحكم الشرعي لا القضاء الكوني.

وفي إضافة الطاعة إلى الله، عز وجل، مزيد عناية بها، إذ شرف المضاف من شرف المضاف إليه، فله حكمه: لفظا ومعنى.

وإن كنت وحدك: إلهاب للمخاطب وتهييج له ليلزم الحق، وإن قل أهله.

والخبر كغالب أخبار الشريعة: مراد لغيره، إذ فيه معنى الأمر بلزوم جماعة المسلمين، فذكر حدها مئنة من الحض على لزومها.

&&&&&

وحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ".

السين تنذر بقرب وقوع ذلك، وقد كان بظهور مقالة الخوارج: باكورة المقالات المحدثة عقيب مقتل عثمان رضي الله عنه.

على الناس: تقديم ما حقه التأخير حشدا لذهن السامع.

خداعات: صيغة مبالغة، فالخداع فيها كبير، كسني زماننا، إذ زيادة المبنى بالتضعيف مئنة من زيادة المعنى.

وفي إسناد الخداع إليها: مجاز إسنادي فهي ظرف الخداع، فهو من قبيل وصف الظرف بمظروفه، لإفادة الملابسة، فالخداع ملابس لها لا ينفك عنها.

يصدق فيها الكاذب: طباق بين الصدق والكذب.

وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ: طباق بين الكذب والصدق.

وفي الجملتين مقابلة تزيد معنى الاغترار بظاهر المتكلم دون سبر أغواره قوة وبيانا.

وقل مثل ذلك في: وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ.

فهو زمان تختلط فيه الأوراق، وتميع فيه المفاهيم فلا يعرف حق من باطل.

وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ: حشد لأذهان السامعين بالإغراب الذي يفتقر إلى بيان.

قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟: سؤال عن الماهية، فليس الشأن: شأن الموصوف ليسأل عن عينه، وإنما الشأن شأن الوصف ليسأل عن حده، فـ: "ما" هنا للسؤال عن الماهية لتجتنب.

قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ: حد جامع مانع، فيه من إيجاز الحذف: حذف المسند إليه لدلالة السؤال عليه، فتقدير الكلام: هو الرجل التافه.

والخبر موطئ لما بعده إمعانا في التشويق، فليس وصف الرجولة هو المراد إذ هو وصف طردي لا يتعلق به مدح أو ذم، وإنما المراد: وصف التفاهة.

وفي الكلام: إيجاز بحذف العامل: "يتكلم" أو "ينطق" لدلالة السؤال، أيضا، عليه، فتقدير الكلام: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة، كما هو مشاهد في زماننا الذي يتكلم فيه كثير ممن لا يحسنون الوضوء في نوازل لو وقعت زمن عمر، رضي الله عنه، لجمع لها أهل الشورى!!!!.

&&&&&

وحديث: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"

من: صيغة شرط تفيد العموم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير