تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي الإتيان بالمضارع: "تقتلون": مع أن الأمر انقضى استحضار لصورة ما اقترفوه من أثم وهذا مظنة التوبيخ إذ تذكير العاصي في مقام التوبيخ بما اقترفته يداه مشعر بمزيد تنغيص وتنكيد، وقد رفع قوله: "من قبل" أي احتمال لإرادة الحاضر كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.

"إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ": فلم فعلتم ذلك، أليس ذلك مما ينقض عرى الإيمان؟!!، ففي الشرط توبيخ لهم بإلزامهم بما تقتضيه جملة الشرط.

"وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ":

أكد السياق بـ: اللام وقد الداخلة على الماضي فأفادت التحقيق.

والعطف بـ: "ثم" التي تدل على التراخي فيه مزيد توبيخ كما قرر القرطبي، رحمه الله، فقد جاءتهم البينات فعكفوا عليها ونظروا فيها نظر المتفحص المتأني غير المتعجل، ثم كان عاقبة أمرهم أن نكسوا على رءوسهم، فحالهم أقبح من حال من لم ينظر في أدلة الهدى، فأقدم على المعصية جهلا.

"اتخذتم العجل": الاتخاذ مظنة الافتعال، والافتعال مظنة التكلف إذ اتخاذ إله دون الله، عز وجل، مما تأباه الفطر السوية، فلا تتجشمه إلا بتكلف بعد طروء الفساد عليها، و "أل" في العجل: عهدية تشير إلى ذلك عجل السامري بعينه.

"وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ": قطع للعذر، فليسوا بجاهلين ليعذروا بل هم ظالمون معتدون.

"وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ":

"وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم":

استعارة في: "أشربوا": إذ استعار الإشراب للدلالة على تخلل محبة العجل نياط قلوبهم، والشراب يتخلل البدن أكثر من تخلل الطعام، إذ الشراب ينفذ مباشرة إلى أنسجة الجسم بخلاف الطعام الذي يجاورها قبل أن يتحلل إلى سائل يسهل نفاذه إلى الأنسجة، فالإشراب أوقع في البيان من الإطعام، كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.

"العجل": مجاز بالحذف، إذ حذف المضاف وهو "الحب"، وأقام المضاف إليه مقامه، وفي ذلك من بيان تمكن هذا الحب الآثم من قلوبهم حتى صار محبوبهم حالا في قلوبهم ما فيه. ومن قال بعدم وقوع المجاز في الكتاب المنزل فإنه يكتفي بدلالة السياق، إذ الحب هو الذي يتخلل القلب لا نفس المحبوب.

"قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ": في الشرط أيضا معنى التوبيخ، إذ بئسما يأمركم به هذا الإيمان الذي تدعونه إن صحت تسميته بالإيمان فهو إيمان كـ: لا إيمان.

"قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ":

في الشرط تحد لهم، وهم أجبن من أن يقبلوه، و"الدار الآخرة": الجنة، وإن كانت تطلق على الآخرة عموما، ولكن السياق قد دل على ذلك المعنى خصوصا، فالسياق قيد في معرفة مراد المتكلم.

"وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ":

في الآية دليل على أن: "لن" ليست لتأبيد النفي، إذ ورود "أبدا" بعدها يحتمل: التوكيد أو التأسيس، والأولى كما تقدم حمل الكلام على التأسيس إن دار بينه وبين التوكيد، فيكون النفي غير المؤبد مستفادا من "لن"، ويكون التأبيد وهو معنى جديد قد أسسه الإتيان بلفظ "أبدا"، بخلاف ما لو قيل بأن "أبدا" مؤكدة لمعنى تقرر أولا بالنفي بـ: "لن" ثم أكد بـ: "أبدا" فهذا خلاف الأصل إذ الأصل: عدم التكرار.

والباء في: "بما قدمت": سببية.

"وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير