تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يا موسى: سوء أدب بنداء البعيد الذي يدل على رفع الصوت على النبي، وفي ذلك من التعدي على مقام النبوة ما فيه، وفي التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)

حتى نرى الله جهرة: إزالة لأي احتمال مرجوح يصرف الرؤية عن رؤية العين البصرية إلى رؤية الفؤاد العلمية، فالجناية ثابتة عليهم نصا. وإنما هلكت الأمم كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم بـ: بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ

فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ: عقوبة على الفور، جزاء وفاقا.

ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:

ثم: مشعرة بالتراخي إذ دعا موسى عليه الصلاة والسلام ربه متضرعا كما في سورة الأعراف: (رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ)، فبعثهم الله، عز وجل، كرامة له لا لهم.

من بعد موتكم: إطناب يؤكد عظم المنة فلم يكن البعث من غفوة أو رقدة، وإنما كان من موتة.

وهذه صورة جديدة من صور النعمة الربانية، وكما اطرد في السياق القرآني لا بد من تكليف إلهي يلازمها، فقد بعثكم الله عز وجل: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: أي لتشكروا، وشكر النعمة الربانية إنما يكون بامتثال التكاليف الإلهية كما تقدم مرارا.

وإحياء الموتى من البشر، والموات من الأرض من آكد دلائل الربوبية في الكتاب العزيز، فإن الخالق البارئ من العدم قادر على الإنشاء من عجب الذنب، وفي التنزيل:

(وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ)، فضرب المثل بما تعيه عقولهم وتدركه حواسهم، وذلك أبلغ في قيام الحجة، وزوال الشبهة.

و: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)، فإعادته أيسر من باب أولى.

وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ:

مزيد عناية من الله، عز وجل، بهم، ومزيد امتنان عليهم بتفصيل نعمه الكونية عليهم، فما زادهم ذلك إلا صلفا وغرورا، فهم: (أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)، كما يزعمون، ولا نسب بين الله، عز وجل، وعباده إلا الطاعة، ولا تظهر الدعاوى العنصرية إلا في جماعة ظالمة، حجرت واسعا فاحتكرت الهداية والشرف، ولو كانت من أضل الخلق في الإلهيات، فتعتدي على أهل الحق باسم الحق، وتستحل دم المخالف باسم الله!!!، وفي مسلك بني يهود مع الموحدين في غزة الآن خير شاهد على ذلك، فحاخامات يهود يبيحون سفك دماء الأمميين في فتاواهم التلمودية التي تكتسي بلحاء الشريعة، وانظر على الجهة الأخرى إلى رؤوس الفرس الشعوبية وهي تشفي غليلها من العرب حملة الرسالة، فتسفك دماء أهل السنة العرب في العراق، بل ويتعدى ظلمها إلى أتباع المذهب من العرب، باسم الانتصار لآل البيت، رضي الله عنهم، والانتقام من قتلتهم، فلا بد من ستار ديني يبرر إجرامهم، ولا يكون الذبح إلا باسم الرب، وأيام حروب البلقان، كانت الكنيسة الصربية الأرثوذكسية المتعصبة تفتي بجواز انتهاك أعراض المسلمات في بربرية منهجية استعملها أتباع دين الحب والسلام!!! لإذلال المسلمين وكسر قلوبهم، ورصدت المكافآت لمن يقتل أطفال المسلمين، وكانت كنائس صربيا تردد في صليبية مقيتة: أنا أشرب من دم المسلم فأين الساقي؟!!!. وقد ملكنا بالأمس فعدلنا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير