ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 03 - 2009, 09:21 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
فـ: "قاتلوهم": أمر سيق مساق الوجوب بقرينة ما تقدم من نكث الأيمان.
وفي السياق إيجاز بالحذف انتقالا إلى محط الفائدة التي يتلهف المخاطب في معرض الأمر إليها، فكل مأمور متلهف إلى معرفة جزائه إن امتثل، فحذف الشرط المقدر الذي جزم جواب الأمر فيه، وقد يقال من جهة أخرى: لا حذف إذ الأصل عدمه، وقد اطرد في كلام العرب جزم المضارع في جواب الأمر.
ثم أطنب في بيان الثواب حملا لنفوس المخاطبين على الامتثال، ففي القتال من المصالح:
تعذيب الكافرين عدلا، وخصت الأيدي بالذكر، وإن لم تكن آلة القتال الوحيدة: تغليبا، فالعراك مظنة استعمال الأيدي طلبا ودفعا.
وخزيهم: وهو فرع عن قهرهم بالسلاح.
وفي مقابل ذلك: وينصركم عليهم ويشفي صدوركم بإذهاب غيظها، فعطف إذهاب الغيظ على شفاء الصدور عطف سب على مسببه، فشفاء الصدور، كما تقدم، يكون بإذهاب غيظها، أو يقال بأنه من عطف اللازم على ملزومه فإذهاب الغيظ لازم شفاء الصدور.
وفي الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة تنبيها على المعنى الذي علقت عليه تلك المصالح، وهو الإيمان.
ويتوب: استئناف، إذ ما بعده لا يتعلق بما قبله، فما قبله في حق المؤمنين، وما بعده في حق الكافرين فلن يخلو الأمر من مصلحة للكافرين، فإن منهم من يكون قهره بالسلاح ووقوعه في الأسر سببا في هدايته، على وزان حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ("كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: كنتم خير الناس للناس، تجيئون بهم في السلاسل، تدخلونهم في الإسلام).
وليس في ذلك مظنة إكراه، إذ إكراه الأسير على الإسلام غير مشروع إجماعا، وإنما يكون الأسر، كما تقدم، سببا في إسلامه، وتلك من حسنات الرق في دين الإسلام، إذ فيه نوع استصلاح للأسير، فيرى من دين المسلمين وأخلاقهم ما ينير بصيرته، ويذهب شبهات المبطلين من أعداء الملة الذين ملئوا قلبه غلا لدين الإرهابيين وكتابهم الذي يحض على الإرهاب والتطرف!!!!.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 03 - 2009, 09:08 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)
قاتلوا: أمر بجهاد الطلب لما توافرت أسبابه، فبلغ المسلمون من القوة الدينية والدنيوية ما يؤهلهم لحمل الرسالة إلى بقية الأمم، واقتضت سنة التدافع الكونية بوقوع الصدام الحتمي بين الحق والباطل، فلن يرضى رؤساء الباطل أن يصل الحق إلى الأتباع طواعية إذ في ذلك زوال رياساتهم.
الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ: إطناب في بيان إجمال الموصول: "الذين" إذ تعلق الحكم بالأوصاف التي اشتقت منها جملة صلته وما عطف عليها، وكرر النفي مع كل وصف إمعانا في التوكيد، وتلك أوصاف تفيد بمنطوقها وجوب قتال من قامت به، وبمفهومها وجوب الكف عمن لم تقم به، ولا يكون ذلك إلى بالإسلام أو دفع الجزية حال الصغار.
وقد استوعبت الأوصاف أوجه الفساد: العلمي، والعملي، ثم جاء الوصف الأخير جامعا لهما، فدين الحق: عقيدة وشريعة، أخبار وأحكام، علم وعمل.
¥