تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 03 - 2009, 09:01 ص]ـ

من المشاركة السابقة: "لا حرب مظاهر الغلو والتطرف فيه". اهـ

الأصح أن يقال: حرب مظاهر الغلو والتطرف في سلوك بعض المسلمين إذ ليس في الإسلام الصحيح النقي من البدع الذي بعث به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تطرف أصلا.

ومن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)

يا أيها: نداء للبعيد مئنة من علو منزلة المخاطِب واسترعاء لانتباه المخاطَب.

الذين آمنوا: تعليق للحكم على وصف الإيمان الذي اشتقت منه الصلة.

قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ: جهاد طلب لا يقوم به آحاد المكلفين، وإلا فهم منه وجوب قتال كل مسلم من جاوره من أهل الذمة!!.

و: "من": لبيان الجنس، فليس المراد نوعا بعينه من الكفار، وإنما المراد جنس الكفار، وفي ذلك ترجيح لمذهب أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، رحمه الله، في علة قتال الكفار، فليست علة قتالهم: اعتداؤهم على المسلمين، فإنهم قد لا يعتدون، وإن كان ذلك نادرا، فالسنة الكونية، كما تقدم، جارية بوقوع الصدام بين الحق والباطل، فلو هادن أهل الحق، لتجرأ أهل الباطل فعقدوا ألوية غزو المسلمين في دورهم كما هو واقع الآن، وإنما علة قتالهم: وصف الكفر، فذلك مما شرع لأجله قتالهم قتال طلب إن وجد المسلمون في أنفسهم قوة، إظهارا لشعار الدين، وتبليغا لرسالة خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً: أي شدة في القتال، ونكرها: تعظيما، فإن القتال من مواطن: الجلال التي يحسن فيها إظهار الشدة، فلا يحسن فيها إظهار اللين، إذ اللين بمواضع الجمال أليق، ولكل مقام مقال، فلجهاد الكلمة ما يناسبه من جمال القول، ولجهاد السيف ما يناسبه من جلال الفعل.

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ: إن قصد بهم المخاطبون، فهو إظهار في موضع الإضمار تنبيها على الوصف الذي استحقوا به معية الله، عز وجل، الخاصة: معية النصرة والتأييد، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، فالقياس في غير القرآن على توجه الخطاب إليهم: واعلموا أن الله معكم.

وإن قصد به جنس المتقين، فالأمر ظاهر، إذ علق الباري، عز وجل، حكم معيته الخاصة على وصف التقوى الذي اشتق منه اسم الفاعل: "المتقين"، فأفاد بمنطوقه: ثبوتها لمن اتقى، وبمفهومه: انتفاءها عمن لم يتق، فالأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 03 - 2009, 08:05 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)

أذن: شرعا، وقد حذف الفاعل للعلم به فلا يأذن في الشرعيات إلا رب البريات جل وعلا.

للذين يقاتلون: علة الإذن مشتقة من صلة الموصول.

وفي السياق إيجاز بالحذف لدلالة السياق عليه، فتقدير الكلام: أذن لهم في القتال فرعا عن قتال الكفار لهم، فبين العلة المذكورة والمعلول المقدر: جناس اشتقاقي يزيد المعنى بيانا، فقتال مقابل قتال.

بأنهم ظلموا: لأنهم ظلموا، فأشربت الباء معنى السببية.

وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ: تذييل معنوي يلائم السياق، فالقتال مظنة طلب النصرة من الرب، جل وعلا، إذ النصرة لا تكون إلا من قدير.

الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

بيان لأحوال المقاتلين، فقد أخرجوا من ديارهم لا لشيء، وإنما كان ذنبهم: أنهم آمنوا بالله، عز وجل، ففي الكلام إيراد للمدح في صورة الذم على طريقة: فلان ما فيه عيب إلا أنه كريم.

وجيء بالمصدر مؤولا من: "أن" وما دخلت عليه توكيدا على علة إخراجهم فهو آكد من جهة الدلالة المعنوية من المصدر الصريح.

وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا: بيان لسنة التدافع بين الحق والباطل، وهي سنة كونية جارية. وخصت المساجد بوصف: "يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا"، إذ الأصل في الضمير أن يعود إلى أقرب مذكور تشريفا لها، كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله، لا سيما بعد نسخ شريعة اليهودية ذات الصلوات وشريعة النصرانية ذات البيع والصوامع.

وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ: توكيد بقسم محذوف دلت عليه اللام الموطئة فضلا عن دخول نون التوكيد المثقلة، وعلق الحكم على وصف النصرة على جهة المقابلة، فمن نصر الله نصره الله، ومن خذل الله خذله الله، فالقسم حاض بمنطوقه على نصرة الحق وأهله، زاجر بمفهومه عن خذلان الحق وأهله، فهو أحد صور قياس الطرد والعكس في الكتاب العزيز، والحكم عام لا يتعلق بشخص بعينه، ولذلك علق على: "من" الموصولة وهي نص في العموم.

إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ: تذييل معنوي يلائم السياق، فالنصرة لا تكون إلى من قوي عزيز لا يغلب ولا يقهر. ومن أحق من الرب، جل وعلا، بذلك الوصف الأحمد.

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير