تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ: شرعا فيستخرج بكفر الكافر المراد لغيره: إيمان المؤمن وقيامه إلى جهاد الكافر بالحجة والبرهان والسيف والسنان .......... إلخ من الحكم الشرعية المرادة لذاتها، فالأمر دائر بين: إرادة كونية نافذة تقع بها الحوادث سواء أكانت طاعات أم معاصٍ، وإرادة شرعية آمرة لا تتعلق إلا بمحاب الله، عز وجل، وقد تقع إن شاء الله، عز وجل، ذلك فتكون فضلا في حق الطائع، فلا يصطفي الله، عز وجل، لطاعته، ومن أعظم صورها: الجهاد، إلا من تفضل عليه بالهداية وتحمل المشاق طلبا لرضاه، تبارك وتعالى، وهو أجل الغايات، وقد لا تقع، فتكون عدلا في حق العاصي، فيخذله الله، عز وجل، فيقعد عن الطاعة، ويقعد عن الجهاد ويركن إلى الدنيا، كما هو حال أمة الإسلام اليوم.

يقول ابن القيم، رحمه الله، في "مدارج السالكين":

"وقد أجمع العارفون بالله: أن (التوفيق) هو أن لا يكلك الله إلى نفسك وأن (الخذلان) هو أن يخلى بينك وبين نفسك فالعبيد متقلبون بين توفيقه وخذلانه بل العبد في الساعة الواحدة ينال نصيبه من هذا وهذا فيطيعه ويرضيه ويذكره ويشكره بتوفيقه له ثم يعصيه ويخالفه ويسخطه ويغفل عنه بخذلانه له فهو دائر بين توفيقه وخذلانه فإن وفقه فبفضله ورحمته وإن خذله فبعدله وحكمته وهو المحمود على هذا وهذا له أتم حمد وأكمله ولم يمنع العبد شيئا هو له وإنما منعه ما هو مجرد فضله وعطائه وهو أعلم حيث يضعه وأين يجعله؟.

فمتى شهد العبد هذا المشهد وأعطاه حقه علم شدة ضرورته وحاجته إلى التوفيق في كل نفس وكل لحفظ وطرفة عين وأن إيمانه وتوحيده بيده تعالى لو تخلى عنه طرفة عين لثل عرش توحيده ولخرت سماء إيمانه على الأرض وأن الممسك له هو من يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه فهجيرى قلبه ودأب لسانه: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك) ودعواه: (يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك) ". اهـ

وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ: خبر سيق مساق الشرط في معرض الإلهاب والتهييج على الامتثال.

سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ: إطناب في مقام الوعد حضا على امتثال الأمر.

والهداية الشرعية في الدنيا موصلة إلى الهداية في الآخرة بمعرفة منازلهم في الجنة فهم أعرف بها من منازلهم في الدنيا.

وقال بعض أهل العلم: عرفها لهم، أي: طيبها لهم، من: "العَرْف" وهو: الريح الطيبة، ولا إشكال في الجمع بين المعنيين لعدم تعارضهما فقد عرفهم مكانها وعرفها لهم فهي طيبة النشر وذلك من تمام النعيم.

وإلى طرف مما سبق أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله:

" (وَيُدْخِلُهُمُ الجنة عَرَّفَهَا لَهُمْ): في الدُّنيا بذكرِ أوصافِها بحيثُ اشتاقُوا إليها أو بيَّنها لهم بحيثُ يعلم كلُّ أحدٍ منزلَه ويهتدي إليهِ كأنه كان ساكنَهُ منذُ خُلقَ وعن مقاتل: أنَّ الملكَ الموكلَ بعملهِ في الدُّنيا يمشي بين يديِه فيعرفُه كلَّ شيءٍ أعطاهُ الله تعالى. أو طيَّبها لهم من العَرْفِ وهو طيبُ الرائحةِ، أو حدَّدها لهم وأفرزَها، من عَرفُ الدَّارِ فجنةُ كلَ منهم محددةٌ مفرزةٌ". اهـ

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 04 - 2009, 08:11 ص]ـ

ثم تطرقت الآيات إلى القانون العام والسنة الربانية المطردة في هذا الباب:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير