ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 04 - 2009, 08:54 ص]ـ
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ: ترغيب واستمالة لهم بشرط يلهب المخاطب ويحمله على التزامه رجاء تحقق المشروط، وحذف الفاعل للعلم به فلا يغفر الذنوب إلا الله.
وعلى ما اطرد في التنزيل من الجمع بين الترغيب والترهيب:
وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ: جارية لا تتخلف، فالنصرة للأنبياء وأتباعهم، والخسران للطواغيت وأذنابهم وإن مكنوا حينا تمحيصا للمؤمنين واستدراجا للكافرين.
وفي العدول عن خطاب المواجهة: "إن تنتهوا" إلى خطاب الغيبة: (إِنْ يَنْتَهُوا) نكتة لطيفة، إذ نزل الأمر منزلة الواقع المقرر عندهم، فصاروا كأنهم الرسل إلى من وراءهم من الكفار، ولن يكون ذلك إلا إن صدقوا الخبر وامتثلوا الأمر، فصاروا كأنهم هم المخاطبون بأمر الإبلاغ إلى غيرهم، فلم يعد في الصورة من يصح توجه الخطاب إليه إذ هو خطاب للكفار، فتوجه الخطاب إلى من غاب منهم، إذ الحاضرون ملزمون به إلزاما صح معه تنزيلهم منزلة المقرين، وإن لم يقع الإقرار منهم بعد، وإلى طرف من ذلك أشار الطاهر بن عاشور، رحمه الله، بقوله: "وأسند الفعل في الجملة المحكية بالقول إلى ضمير الغائبين لأنه حكاية بالمعنى روعي فيها جانب المخاطب بالأمر تنبيهاً على أنه ليس حَظه مجرد تبليغ مقالة، فجُعل حَظه حظ لمخبر بالقضية الذي يُراد تقررها لديه قبل تبليغها، وهو إذا بلغ إليهم يبلغ إليهم ما أعلم به وبُلغ إليه، فيكون مخبراً بخبر وليس مجرد حامل لرسالة". اهـ
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ: بيان لعلة قتالهم عطف فيها إفراد الله، عز وجل بالدين، على نفي الفتنة عطف متلازمين، فلازم انتفاء الفتنة في الدين: ظهور أعلامه، والتزام أحكامه فيكون كله لله.
فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ: تذييل فيه معنى الترغيب، فإن انتهوا فالله عليم بصدق نواياهم إن صدقوا، فلن يترهم أعمالهم، وقد يقال بأن فيه نوع تهديد يناسب سياق القتال، فإن انتهوا، فالله، عز وجل، بصير بمكنون صدورهم أكفوا عن القتال وانتحلوا مقالة أهل الإيمان أم أضمروا الغدر وثبتوا على مقالة أهل الكفران.
وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ: بشرى للمؤمنين تحملهم امتثال الأمر الشرعي بمناجزة من كفر علما وتولى عملا، فما تولى عن العمل إلا لفساد علمه، وقد صدرت البشرى بالأمر الذي أريد به إظهار الاهتمام والعناية بما بعده، والتوكيد بـ: "إن"، والولاية المثبتتة: ولاية النصرة بالتأييد الكوني فرعا عن التزام الأمر الشرعي، وذيلت الآية بما يناسب السياق بالإطناب في مقام المدح بكمال الولاية وكمال ما تفرع عنها من النصرة فهما متلازمان أيضا فمن كان الله، عز وجل، وليه، فهو المنصور قطعا، ولا ينال التأييد بالآيات الكونية إلا فرعا عن التزام الآيات الشرعية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 04 - 2009, 08:44 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
أمر يفيد عناية المتكلم بما يليه، فنبه المخاطب بما يحمله على الإصغاء، فالنفوس بطبعا تسمو إلى الكمال، والأمر بالعلم مظنته، ففيه نوع شحذ للهمم لتحسن تلقي الخبر بالتصديق أو الامتثال.
أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ: "ما": موصولة مجملة بيانها: "من شيء" إرادة التوكيد على العموم، فأي شيء غنمتموه فحقه الذي ورد في الآية.
¥