تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقوله تعالى: (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ): بيان لمصارف الخمس الذي يؤخذ من غنائم الكفار لا من أموال المسلمين كما يصنع بعض رؤوس الضلالة من سدنة المشاهد والأضرحة، وهو أمر فاش في كل ملة أو نحلة أسست على شفا جرف تقديس الرجال من دون الله، فعند قبر كل قديس أو إمام أو ولي: إن كانوا كذلك فعلا، عند قبورهم: طواغيت أسست رياساتها وملأت خزائنها من ذلك الوهم، فعبدت فئاما من البشر لغير الله، بسلطان الخلاص في الآخرة واستجابة الدعاء وقضاء الحاجات ........... إلخ في الدنيا، فالإرهاب الفكري بقرارات الحرمان الكنسي الظالم وغضب الإمام والولي الطالب الغالب يحمل الأتباع على الرضوخ وتقبيل العتبات .......... إلخ من مظاهر الغلو، ولكل قديس سر لا يعرفه إلا كاهنه، ولكل إمام أو ولي سادن يعلم الناس فنون الإشراك بالله! رجاء حصول النجاة، مع أن ما يدعون إليه آكد أسباب الهلاك!، فيدعون الناس إلى النار باسم الجنة، ويدعونهم إلى البدعة باسم السنة، ويسوغون الغلو والشرك باسم التعظيم والمحبة!، والغلو في الأفاضل آفة أصيبت بها البشرية من لدن قوم نوح عليه السلام وإلى يوم الناس هذا.

وقد بعث الأنبياء عليهم السلام لتحرير عقول وأبدان المكلفين من ذلك القيد، بإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد فأبى المبطلون إلا حرب الرسل عليهم السلام إذ ما بعثوا بتقريره: ناقض لرياساتهم مزيل لطغيانهم فلا بقاء لظلام الشرك إذا سطعت شمس الرسالة.

وفي السياق إيجاز بحذف مبتدأ أو خبر للمصدر المؤول من: "أن لله خمسه"، على تقدير: فحقه لله خمسه، والإتيان بالمصدر المؤول في مثل ذلك الموضع آكد في الدلالة التوكيدية في مقام يقتضي التوكيد من المصدر الصريح، كما أشار إلى ذلك الطاهر بن عاشور، رحمه الله، كما في قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، فهو آكد في بيان معية الله، عز وجل، الخاصة للمؤمنين من قولك في غير القرآن: واعلموا معية الله للمتقين.

إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ: شرط سيق مساق الإلهاب والتهييج.

والإضافة في: "يوم الفرقان": إضافة تشريف، بنسبة اليوم إلى ذلك الفرقان الذي وقع فيه بين معسكر الحق ومعسكر الباطل، و: "يوم التقى الجمعان": بدل جيء به زيادة في البيان، وقد يرد على ذلك أن المبدل منه على نية الطرح، فليس مراد ابتداء، وإنما جيء به توطئة لما بعده، والسياق يشهد بأن وصف الفرقان معتبر، فلا يليق أن يكون على نية الطرح إذ فيه من التشريف ما تقدم، فيحسن بناء على ذلك جعل: "يوم التقى الجمعان": عطف بيان، فيكون المعطوف عليه والمعطوف كلاهما مرادان للمتكلم.

والله على كل شيء قدير: تذييل يناسب السياق، ففي معرض ذكر ذلك اليوم الذي نصر الله، عز وجل، فيه الفئة القليلة على الفئة الكثيرة التي أقبلت بحدها وحديدها، في معرض ذلك تظهر آثار قدرة الله، عز وجل، الكونية، إذ قضى للمؤمنين بقدره الكوني النافذ نصرا وفتحا، فرعا عن امتثالهم قدره الشرعي الحاكم، فالسنة، كما تقرر مرارا، مطردة، فمتى كان شرع فثم نصر، وإن ديل على المؤمنين ابتداء فتمحيص وابتلاء يعقبه النصر والتمكين في الأرض، ومتى لم يكن شرع فذلة ومهانة، واستعلاء لأراذل الخلق عقوبة ربانية على مخالفة الإرادة الشرعية فليس ثم بين الله، عز وجل، وعباده من نسب إلا الطاعة، فطرد في الإيجاب والسلب: نصر لدين لله عز وجل يستلزم نصرا للمؤمنين إيجابا، وخذلان للشرع وأهله يستلزم خذلانا وانكسارا في ساحة الحرب سلبا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 04 - 2009, 09:42 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير