تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ: تذييل بصفة السمع لأقوال الألسنة، والعلم بمكنونات الصدور، فعم أحوال المكلفين: ظاهرا وباطنا، علانية وسرا، وتحت ظلال السيوف تظهر الحقائق وتنكشف المعائب، فيظهر معلوم الله، عز وجل، الأزلي، على ألسنة وجوارح المقاتلين، فيسمعها ربنا، جل وعلا، سمع إحاطة، وسمع إجابة لخواصه المؤمنين الذين تلهج ألسنتهم بالذكر والدعاء تأويلَ قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فله، جل وعلا، في ذلك الموطن، وفي كل موطن، كمال الصفات: ذاتا وأفعالا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 04 - 2009, 08:12 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)

استحضار للصورة على ما اطرد من تقرير المنة الربانية، فهون الخطب عليك ابتداء برؤيتهم قليلا في المنام، ومفهومه أنه لو رآهم كثيرا لحصل بذلك ما لا تحمد عقباه، وقد نص على ذلك المفهوم إمعانا في تقرير المنة، مع أنه متبادر إلى الذهن بالنظر في المنطوق، فحكم المنطوق يثبت عكسه للمفهوم بداهة، فلو رأيتهم كثيرا: وفي الكثرة مقابل القلة: طباق إيجاب استوفى القسمة العقلية لأحوال الجيوش عددا وعدة، فلو رأيتهم كذلك لوقع الفشل والنزاع، وعطف النزاع على الفشل: عطف لازم على ملزومه، فإن النفوس إذا جبنت عن اللقاء وقع بينها النزاع فتتضارب الأقوال، وتضطرب الأحوال، واعتبر بحال الجيوش المنهزمة كيف يقع الاضطراب في صفوفها فرعا عن فشلها، والثبات في الميدان نعمة ربانية لا تكون إلا لمن التزم الشرعة الإلهية، والأمر مطرد سلبا اطراده في الإيجاب فإن الفشل والتنازع عقوبة ربانية فرعا عن مخالفة الشرعة الإلهية.

وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ: فلطف بكم فضلا منه ومنة.

إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ: فصل لشبه كمال الاتصال، فهو بمنزلة العلة لما قبله، والترابط بين العلة والمعلول وثيق كما تقدم في أكثر من مناسبة، فالتذييل بتلك العلة مما يناسب السياق، إذ الله، عز وجل، أعلم بما تكنه الصدور من أمور وجدانية جبل عليها البشر من صبر وجزع، وجرأة ونكول ............. إلخ، فدبر لكم أسباب النصر فضلا ودبر لعدوكم أسباب الهزيمة عدلا.

وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ:

رؤية حقيقة للجيش كله عيانا بعد رؤية قائده لها مناما لتعم الطمأنينة، وفي المقابل: قللكم في أعينهم استدراجا لهم، فصار الفعل واحدا، ولكنه في حق فئة: نعمة جرأتهم، وفي حق أخرى: نقمة غرتهم فاستخفوا بعدوهم وتلك أولى خطوات الهزيمة، فما وكل أحد إلى نفسه إلا خذل. وفي التنزيل: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)

لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا: قضاء كونيا كما تقدم.

وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ: تذييل يناسب ما تقدم من القضاء الكوني النافذ، فإليه ترجع المقادير فيحكم لا معقب لحكمه، فينصر من شاء فضلا، ويخذل من شاء عدلا، وقد يقال بعموم: "أل" الجنسية في الأمور: فتعم الأمر الشرعي فلا حق إلا ما شرعه، والأمر القدري فلا نافذ إلا ما قدره.

وفي السياق تقديم ما حقه التأخير حصرا وتوكيدا على ما اطرد مرارا فليس ذلك إلا لله عز وجل.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 04 - 2009, 08:34 ص]ـ

وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير