تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شرط للإلهاب والتهييج لا مفهوم له فالأمر بالثبات في الدين وذكر رب العالمين مطرد في كل حين إلا المواضع التي استثناها الشارع، عز وجل، من خلاء ونحوه.

وعطف ذكر الله على الثبات: عطف سبب على مسببه، فالذكر الدائم سبب في التثبيت، لا سيما في أزمنة الفتن التي تطيش فيها العقول تحت وطأة الشبهات والشهوات فلا يدفع ذلك البلاء إلا بالعلم النافع والعمل الصالح، فبالعلم تصان القلوب من الشبهات، وبالعمل تصان الجوارح من الشهوات، والذكر يشمل الأمرين فمنه العلم الذي يجري على الألسنة، ومنه الاشتغال بالتسبيح والتهليل ........ إلخ الذي تطمئن به القلوب، فهذا عمل مراد لذاته، إذ هو من جنس العبادات المحضة، ولا غنى لأي عبد في رحلته إلى الدار الباقية عن كلا الدرعين فبهما يتقي وساوس الثقلين، فشياطين الجن والإنس قد عقدوا العزم على إضلال عباد الرحمن، وفي التنزيل: (لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينً)، و: (وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا)، فلهم من الهمة ما تقصر عنه نفوس كثير من أهل الحق، وأعمالهم، مع ذلك، زبد وإن علا، ولا محيص من وقوع الصدام بين الفريقين، وإن تهادنا حينا، فتلك من السنن الكونية الجارية ولعل ما نراه في زماننا من تدافع بين الحق والباطل في ميادين القتال بالأبدان، وميادين الحجاج بالأفكار ......... إلخ، ولعل تلك الهجمة الشرسة من سائر ملل ونحل الباطل على ملة الإسلام ونحلة أهل السنة خير شاهد على تلك السنة الكونية التي يستخرج بها الله، عز وجل، مكنون الصدور، و: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).

وفي الكلام حذف لصفة الفئة لدلالة السياق عليها فهي مقابل الفئة المؤمنة ومقابل الإيمان: الكفر بداهة فلا حاجة إلى ذكرها، إذ القسمة العقلية في هذا الموضع ثنائية لا ثالث لها كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.

وقوله: لعلكم تفلحون: معلول آخر للذكر هو أعم من المعلول الأول، إذ الفلاح أعم من الثبات في مواطن القتال، فلكل موطن أمر إلهي وتكليف شرعي، فمن هدي إلى مقال كل مقام فهو الموفق الفالح، فللحلم مواضع، وللانتصار مواضع، وللسان مواضع، ولليد مواضع كما أن لكل جارحة ما يليق بها من الأفعال.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 04 - 2009, 08:43 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ: إيجابا، فطاعة الرسول من طاعة مرسله، فلا يستقل أحد من البشر بالطاعة المطلقة إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وليس ذلك بموجب بشريتهم، إذ ذلك مما استووا فيه مع بقية البشر، وإن فاقوهم في بعض القوى، (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)، وإنما تكون تلك الطاعة لاصطفاء الله، عز وجل، لهم بالرسالة، وفي التنزيل: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)، فهو من جهة التكوين: بشر، ومن جهة التشريع: يوحى إليه، فليس كلامه في معرض تقرير أو بيان الشريعة ككلام غيره، فكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا من أوتي الوحي الرحماني، ولما كان الأمر: صحة دليل وصحة استدلال، وضع المحققون من أهل العلم مقدمتين لقبول أي خبر من أخبار

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير