تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نداء بوصف النبوة الآمر الناهي فرعا عن أمر الشارع، عز وجل، ونهيه، فمقام النبوة مقام التبليغ عن رب العالمين: بلاغا معصوما لا يتطرق إليه الخطأ أو الذهول أو النسيان بخلاف إعلام بقية الموقعين من العلماء والمجتهدين فإنهم، وإن سمت نفوسهم واتسعت علومهم ليسوا براجي عصمة فيلزمهم أن يردوا قولهم إلى قول الوحي، فإن وافقه فعنه يصدرون، وإن خالفه لم يحظ بشرط القبول، وإن كان القائل أبا بكر أو عمر أو عثمان أو علي رضي الله عنهم: أرشد الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

حرض: إلهابا لحماسهم فللأمر الشرعي أبلغ الأثر في قلوب المؤمنين الذين تعلق بهم الحكم ففيه تعريض بغيرهم ممن لم يستجب لداعي الشرع الآمر، فانصاع لداعي الطبع الغالب الذي يؤثر الدعة والسلامة، ولو ناله من ذلك الذل والمهانة، كحال أمة الإسلام التي أخلدت إلى الأرض فرضيت بالزرع واتبعت أذناب البقر!.

و: "أل" في "القتال": عهدية تشير إلى قتال أعداء الدين: أشرس قتال عرفته البشرية وإن رغمت أنوف العلمانيين والشيوعيين والماديين ممن قصروا علل الحروب على الأغراض المادية البحتة، فالإنسان عندهم لا يتحرك ولا يتعصب إلا لبطنه وفرجه!. وذلك طابع حيواني غلب على الشيوعية واقتبست العلمانية المعاصرة من شعبه ما اقتبست!. فقضاء الوطر أسمى أماني الفرد في المجتمع العلماني، وتأمل حالهم تجدهم كسائر من أعرض عن سلوك طريق النبوات فسار في مسالك الشبهات والشهوات، فالغالب عليهم الإلحاد، بلسان الحال أو المقال في كثير من الأحيان، فلا ترى من النصرانية إلا رسوما يجيد الساسة تفعيلها: "وقت اللزوم" لحشد الرعاع لحرب الإسلام مع أنهم علمانيون ملاحدة فلا تعظيم لأي دين في قلوبهم، ولكنه أداة فعالة في تحقيق أغراض الساسة، فقد صار الدين عندهم إما محض ذكريات تعسة تشمئز نفس الأوروبي العصري! من استحضارها، لما وقع فيها من كبت وحجر على العقول وتسلط على الأبدان بصنوف الإهانات وإما وسيلة فعالة في تجييش المشاعر ضد الخطر القادم من الشرق المسلم وجنوب المتوسط. وفي حرب البلقان، كما تقدم في مناسبات عديدة، كان الشعار: لا لكيان إسلامي في جنوب القارة العجوز، فتحرك عباد الصليب على ما بينهم من شقاق فرعا عن النزاع التاريخي بين الأرثوذكس والكاثوليك من لدن مجمع نيقية وإلى يوم الناس هذا، تحركوا تحت غطاء سياسي وعسكري أوروبي لاستئصال تلك الدولة الناشئة، وبالأمس كان بيندكت زعيم الكاثوليك يعرض بالإسلام، فانتقد تسييس الدين واستعماله في حشد الأتباع انتصارا لطائفة على أخرى!، وهو بذلك لا يعني إلا القضاء على عقيدة الولاء والبراء الإسلامية: أوثق عرى الإيمان فعلى المسلم أن ينسى أنه مسلم، ويكفيه أنه مصري أو ........ إلخ، وعلى الجانب الآخر تربى أجيال على كراهية الإسلام والطعن في ثوابته واستحلال محارمه، وليس ذلك تسييسا للدين!، وإنما تسييس الدين هو: امتثال أحكامه القلبية ولاء وبراء، و: رمتني بدائها وانسلت!.

وقيل عن الغرب النصراني: إنه علماني الأفراد، ديني الدولة، ففساد الأديان والأخلاق على المستوى الفردي فيه أظهر، وقيل عن الشرق المسلم: إنه ديني الأفراد، علماني الدولة، فأفراده مع ما هم عليه من فساد بتنحية الشرع المنزل في كثير من شئونهم أحسن حالا من أفراد المجتمع الأوروبي العلماني، ففي الشرق تجد تعظيما للدين وشعائره، وإن لم يلتزم بها المعظمون، وتجد من الشعائر اليومية التي تربط الناس بالوحي المنزل ما لا تجده هناك، وتجد من تعظيم الأعراض المصونة ما لا تجده هناك من أعراض صارت كلأ مباحا لكل راع وراتع، وفي المقابل: تجد دولته علمانية الطابع لا يحركها إلا المصالح السياسية والاقتصادية، فالمسألة عندها: لعبة توازنات استراتيجية، والولاء والبراء للتجمعات الدولية والإقليمية التي تخدم مصالحها المادية البحتة، وحتى في صراعها مع أصحاب المذاهب الهدامة تجدها تتعامل مع الأمر من وجهة سياسية وإن استعانت بالكوادر الدينية كما يحدث الآن في مصر في إطار الحملة على بدعة الغلو في آل البيت، رضي الله عنهم، وسب الصحابة، رضي الله عنهم، فمنتحلو تلك البدعة من العجم الذين تغلي قلوبهم حقدا على العرب حملة الرسالة يسيسون المذهب فيحشدون الأتباع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير