باسم حب الآل، رضي الله عنهم، وهدفهم التمدد السياسي لاستعادة إمبراطوريتهم التي داستها سنابك خيول الفتح في القادسية ونهاوند، وفي المقابل: الحكومة المصرية تدفع عن كيانها السياسي الضعيف بالحد من انتشار ذلك الفكر المؤذن بوقوع توتر طائفي آخر بالإضافة إلى التوتر الطائفي بين: المسلمين والنصارى! و: "خبطتين في الراس توجع" كما يقال عندنا في مصر.
الشاهد أن ذلك الإلحاد المتفشي في أوروبا: فساد علمي بتنحية النبوات، تفرع عنه الفساد العملي في الأخلاق والمعاملات، وذلك أمر مطرد، كما سبقت الإشارة إلى ذلك مرارا، فحيث صلح العلم: صلح العمل، إذ أدواته تبع لمستودع العلوم: القلب، وإذا فسد الأول أصلا فسد الثاني تبعا.
إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ: خبر أريد به إنشاء الأمر بمصابرة الواحد العشرةَ ابتداء، إذ كان المؤمنون قلة فشق التكليف فرعا عن قلة العدد والعتاد ثم جاء التخفيف لما زالت العلة بكثرة العدد وتوافر العدد. وقوله: بأنهم قوم لا يفقهون: تفريع بذكر السبب فيه من الذم لأهل الكفر ما هم له أهل فرعا عن ضلالهم بمخالفة الأمر الشرعي فإن ذلك مئنة من عدم الفقه، بل صار في أحيان كثيرة مئنة من عدم العقل: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ).
الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ: امتنان من الله، عز وجل، بورود التخفيف الشرعي، فورد الناسخ المخفف على المنسوخ المثقل. و "أل" في: "الآن": للعهد الحضوري.
وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا: علما أزليا، صار شهادة بوقوعه في دار التكليف فتعلق به حكم التخفيف إذ الأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما كما تقرر في التشريع.
فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ: خبر أريد به إنشاء الناسخ المخفف بمصابرة الواحد الاثنين.
بِإِذْنِ اللَّهِ: الكوني فرعا عن التزام أمره الشرعي المتقدم.
وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ: على الأمر امتثالا وعلى الألم احتسابا فهي معية خاصة، أظهر فيها الاسم الجليل وحقه الإضمار عناية بشأنهم، إذ معية النصرة والتأييد مظنة العناية والرعاية الربانية فرعا عن امتثال الشرعة الإلهية فالترابط بينهما أمر قد اطرد بيانه في نصوص الوحي المنزل.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 05 - 2009, 12:40 م]ـ
ومن قوله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
نفي جحود يقتضي المبالغة في عتاب الرب، جل وعلا، نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذ فعل خلاف الأولى، فأبقى على أسرى بدر، ترجيحا لرأي الصديق، رضي الله عنه، وهو من هو في الجمال، على رأي الفاروق الملهم، رضي الله عنه، وهو من هو في الجلال، فكان المشهد: مشهد جلال لا مشهد جمال إذ الأصل في القتال: جلال السيف الناصر، فللحديد الناصر ميدانه وللكتاب الهادي ميدانه، ولكل ساحة نزال رجالها، فأرباب القلم رجال ميادين الذب باللسان، وأرباب السيف رجال ميادين الذب بالسنان، ولا غنى لدين الإسلام عن كلا الصنفين، فصنف يقرر ويؤصل ويدحض شبهات الخصوم، وصنف يذب وينصر ويريق دماء أعداء الملة في ساحات الوغى، دفعا وطلبا، فيدفع العدوان، ويرفع العوائق التي أقامها طواغيت الأرض لصد الأمم عن الدين الخاتم: دين المنقول الصحيح والمعقول الصريح، فهو الدين الذي فطر الله، عز وجل، الناس عليه مصداق قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) فمن المحال أن يتناقض الدين الذي أنزله الله، عز وجل، على قلب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع العقول والفطر التي ذرأها الله، عز وجل، فإن المصدر واحد، وتصور ذلك: إساءة ظن بالباري، عز وجل، ما بعدها إساءة، فهو الذي خلق هذا الإنسان وركب فيه ذلك العقل، وغرز فيه تلك الفطرة التي تحمله على التأله حملا فإن لم يتأله للمعبود الحق، جل وعلا، المتصف بكل كمال، المنزه عن كل نفص
¥