تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ: إشارة البعيد تنويها بشأنهم، فلهم من علو المنزلة ما لهم. والولاية هنا: ولاية النصرة والتأييد، وأشار صاحب التحرير والتنوير، رحمه الله، إلى أن العبرة بعموم لفظ الولاية، فذكر ولاية النصرة خاص، والخاص أحد أفراد العام، وذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، كما قرر أهل العلم، واستدل لذلك بحمل ابن عباس، رضي الله عنهما، الولاية هنا على صورة أخرى من صور الولاية لا تخرج عن معنى النصرة وهي الميراث الذي نسخ بقوله تعالى: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ).

وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا: وهذا هو القسم الثالث من المؤمنين وهم فئة آمنت ولم تهاجر فلم يحصل لها التمايز الكامل عن فئة الكفار فليس لها من أحكام الولاية ما للفئة المتميزة بقسيمها: المهاجرين والأنصار، فتلك قد امتثلت من أمر الشارع، عز وجل، ما لم تلتزمه هذه، فلا يستويان في الحكم، فقد ثبت لمن امتثل لأمر الهجرة والجهاد من حكم النصرة ما لم يثبت لمن لم يمتثل، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما، وهو ما أفاده مفهوم الغاية في: "حتى يهاجروا"، فيثبت لهم بعد بلوغ غاية الهجرة من الولاية نقيض ما ثبت لهم من عدم الولاية قبلها. ومن قرأ بفتح الواو فالوَلاية بمعنى النصرة على بابها، ومن قرأ بالكسر وهو حمزة، رحمه الله، فقراءته محمولة على كون الولاية قد استمكنت من نفوسهم حتى صارت بمنزلة الصناعة كالخِياطة والقصارة، كما نقل ذلك الطاهر بن عاشور، رحمه الله، عن الزجاج، رحمه الله، وهو اختيار صاحب الكشاف غفر الله له وعفا عنه.

وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ:

شرط سيق مساق الإلهاب يشهد لذلك: استدعاء الفعل بالألف والسين والتاء وتعليل ذلك بالدين فهو آكد أسباب النصرة، فالفاء في: "في الدين": سببية، وتقديم ما يفيد الوجوب: "عليكم" وحقه التأخير، ودلالة: "أل" العهدية في: (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) على النصرة في الدين خصيصا بدلالة ما تقدم.

إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ: ووجه ذلك، كما ذكر الطاهر بن عاشور، رحمه الله، أنّ الميثاق يقتضي عدم قتالهم إلاّ إذا نكثوا عهدهم مع المسلمين، وعهدهم مع المسلمين لا يتعلّق إلاّ بالمسلمين المتميزين بجماعة ووطن واحد، وهم يومئذ المهاجرون والأنصار، فأمّا المسلمون الذين أسلموا ولم يهاجروا من دار الشرك فلا يتحمّل المسلمون تبعاتهم. اهـ

وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ:

تذييل يناسب السياق فالتنويه بذكر إحاطة الله، عز وجل، بأعمالهم إحاطة بصرية علمية بقرينة تعلقها بالأعمال، مع عدم امتناع الإحاطة البصرية الحقيقية إذ هما من المتلازمات، فدلالة كل منهما على الآخر دلالة لزوم، التنويه بذلك، مع تقديم ما حقه التأخير: "بما تعملون" حصرا وتوكيدا: يحمل المؤمنين على احترام المواثيق فلا يتعدون بنقضها طالما التزم الكفار بها، فليس من خلق أهل الإسلام الغدر ولو بالكفار أفسد الناس علما وعملا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 05 - 2009, 05:19 ص]ـ

وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ:

في مقابل الذين آمنوا على طريقة القرآن الكريم في ذكر المتقابلات.

فبعضهم أولياء بعض في مقابل ولاية المؤمنين بعضهم البعض. ومن آكد صور الولاية: صورة القتال، إذ لا تتحرك النفس حمية إلا للمثيل، فالعقيدة في القتال: عقيدة انتصار للرأي، وربما كانت للطبع، فأصحاب الطباع المتشابهة يتداعون إلى نصرة بعضهم البعض باليد واللسان، ولذلك كانت العقود الوطنية والقومية ............. إلخ أوهى العقود، إذ الوطن يجمع بشرا من مختلف الأهواء والمشارب، فلا يكفي اجتماعهم على أرض واحدة لكي يكونوا على قلب رجل واحد.

إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ: إن لا تفعلوا قطع ولاية الكفار بقرينة تحزب كل فريق:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير