تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 06 - 2009, 04:59 ص]ـ

قَالُوا يَا مُوسَى: تكرار للنداء المجحف بمقام النبوة إمعانا في التمرد على الأمر الشرعي.

إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا: تكرار مؤكد للعصيان مع ما تقدم من الترغيب والترهيب، فتلك أمة قد استطابت مرارة الذلة لما فسدت النفوس وسقطت الهمم بمعالجة خسائس الأمور زمن حكم الفراعنة الجائر الذين، كانوا كبقية طواغيت البشر، يقتلون العزة في نفوس أتباعهم بالترغيب والترهيب إماتة للهمم وإسكاتا لأي حر يأبى قيد العبودية لبشر ناقص، وتلك وسيلة الطغاة في كل عصر ومصر، فمعظم الناس قد صاروا عبيدا لشهواتهم، فأولئك: يتلهون بما يعرض عليهم من الفتن فيفسد حالهم ابتداء دون كبير معالجة، فقد كفوا الطغاة مؤنتهم، ولذلك كان أعداء الإسلام أشد حرصا في الأعصار المتأخرة على الغزو الثقافي، إذ أثبت الغزو العسكري، ولا زال، فشله الذريع، بل إنه يأتي بنتائج عكسية بإيقاظ الهمم وإحياء روح الجهاد في النفوس الأبية، وتصحيح المفاهيم القومية والعلمانية لتصير ربانية إسلامية، ولعل احتلال أرض الرافدين أخيرا وظهور المقاومة ذات الطابع الإسلامي، على ما وقعت فيه بعض فصائلها من أخطاء وتعرضت له من مؤامرات أثرت على أدائها سلبا، لعل ذلك المثال الحي خير شاهد على ذلك، فكان الأولى والأقوى والآمن: بث الشبهات والشهوات في نفوس المسلمين ليتحقق النصر رخيصا بلا ثمن إلا ثمن إنتاج بضاعة مسمومة تروج عبر الأقمار الصناعية ووسائل البث الحديثة لكل فئة عمرية منها نصيب، فلم يسلم منها حتى الأطفال، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، فلهم منها نصيب، بل التركيز إنما يكون عليهم أساسا، إذ بفسادهم وطمس هويتهم: يتم القضاء على أي مستقبل واعد للإسلام، فإن البذرة إذا فسدت لم يرج منها، وإن نمت وأثمرت، ثمرة صالحة.

وذلك حال كثير من سلاطين العصر، ممن أقاموا رياساتهم على أنقاض ما هدموه من كرامة وأخلاق شعوبهم.

فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا: أمر يوحي بالضجر والاستخفاف والسخرية مع ما فيه من سوء الأدب بقصر وصف الربوبية على موسى عليه السلام، وكأنه، عز وجل، ليس ربا لهم يلزمهم امتثال أمره الشرعي فرعا عن عموم ربوبيته القاهرة.

إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ: على ما اطرد من توكيدهم ما ارتضوه لأنفسهم من الذلة والمهانة والنكوص عن أمر الشرع، فصدروا كلامهم بـ: "إن"، فضلا عن الإشارة إلى مكان قعودهم بمعزل عن المكان الذي أمروا بدخوله.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 06 - 2009, 05:50 ص]ـ

قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي: اعتذار إلى الباري، عز وجل، بعد بذل السبب، فالقدرة مناط التكليف، ولا يقدر أحد على هداية غيره وحمله على الطاعة، ولو كان نبيا يوحى إليه، وفي التنزيل: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، فلا يملك الهداية الكونية إلا الرب، جل وعلا، ولعل ذلك سبب تصدير الدعاء بالاسم الدال على الربوبية، إذ القدرة الكونية النافذة من أخص أوصاف الربوبية العامة، ومنها: ربوبية القلوب تصريفا على الطاعة أو المعصية، فغاية العبد أن يهدي غيره دلالة البيان والإرشاد وهي وظيفة الرسل عليهم السلام ومن سار على دربهم من الدعاة، مصداق قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ: فرقانا ينجينا من العقوبة الكونية إذا نزلت، كما أشار إلى ذلك صاحب التحرير والتنوير، رحمه الله، مصداق قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)، وقد علق الحكم على ما اشتقت منه الصفة المشبهة: "الفاسقين"، فإن الفسق علة في إظهار البراءة من صاحبه معذرة إلى الله، عز وجل، وهو يفيد بمفهومه: ولاء من اتصف بضده من الإيمان والتقوى، وذلك شأن كل وصف مشتق علق عليه حكم شرعي، فإنه يدور معه وجودا وعدما، دوران المعلول مع علته، والولاء والبراء من أخص أوصاف أهل الإيمان، فبه يصح عقد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير