تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

http://file15.9q9q.net/img/75726271/----.gif (http://file15.9q9q.net/preview/75726271/----.gif.html)

ثم يأتي هذا التفصيل للإجمال والإيضاح بعد الإبهام مما يبعث في القلب راحة ولذة وطمأنينة. وفي النفس شوقاً واستعداداً وتهيئاَ لقبله وإدراكه 0

ويفصل عليه الصلاة والسلام هذا الإجمال فيقول:

1. (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما):

وهذه الصفة الأولى من صفات الذين يجدون حلاوة الإيمان هي- على بساطتها - قانون كامل تجتمع فيه كل العبادات , فمن البدهي أن الحب يستلزم طاعة المحب لمحبوبه , والحرص على رضاه بكل وسيلة.

على أن الحب هنا مشروط: بأن يكون أقوى الحب , وأرسخه , وأدومه , فمن نتائجه المحتومة إتباع كل ما أمر به الله ورسوله , واجتناب كل ما نهى عنه الله ورسوله 0

فسبحان من أعطاه:= جوامع الكلم فقد جمع أسلوبه بين البلاغة القريبة والبعيدة , والفصاحة والمعجزة الرائعة، والنمط القريب والطريقة المحكمة , والنظم العجيب , فهو السهل الممتنع.

فقد اجتمع في هذه العبارة القليلة الألفاظ المعاني الغزيرة، والأحكام الكثيرة من غير تعقيد ولا تكلف ...

وصدق الجاحظ في وصفه لكلام الرسول:=: " هو الكلام الذي قل عدد حروفه , وكثر عدد معانيه , وجل عن الصنعة , ونُزٍه عن التكلف، استعمل المبسوط في موضع البسط , والمقصور في موضع القصر .... " 0

]

http://file15.9q9q.net/img/75726271/----.gif (http://file15.9q9q.net/preview/75726271/----.gif.html)

ثم تأمل اللطف والمطابقة العجيبة بين الألفاظ والمعاني , تطلعك على فصاحة رسول هذه الأمة:= وامتلاكه زمام اللغة تلك اللغة التي لها شأن ليس كسائر اللغات , فكلمة (يحب) تدور في اللغة على خمسة أشياء وهي:

الصفاء والبياض، ومنه قولهم لصفاء بياض الأسنان ونضارتها: حبب الأسنان ..

والثاني: العلو والظهور، ومنه قولهم: حبب الماء وحبابه

والثالث: اللزوم والثبات، ومنه قولهم: حب البعير وأحب إذا برك ولم يقم ...

والرابع: اللب، ومنه قولهم: حبة القلب , للبه وداخله ...

والخامس: الحفظ والإمساك، ومنه قولهم: حب الماء، للوعاء الذي يحفظ فيه ويمسكه.

ولا ريب أن هذه الخمسة من لوازم المحبة ... فإنها صفاء المودة , وهيجان إرادات القلب للمحبوب ... وعلوها وظهورها من لتعليقها بالمحبوب المراد. وثبوت إرادة القلب للمحبوب ولزومها لزوما لا تفارقه , ولإعطاء المحب محبوبه لبه , وأشرف ما عنده , وهو قلبه , ولاجتماع عزماته وإرادته وهمومه على محبوبه0

فاجتمعت في المحبة المعاني الخمسة , ووضعوا لمعناها حرفين مناسبين للمسمى غاية المناسبة (الحاء) التي هي من أقصى الحلق، و (الباء) الشفوية التي هي في نهايته , فللحاء الابتداء وللباء الانتهاء.

وهذا شأن المحبة وتعلقها بالمحبوب. فإن ابتداءها منه وانتهاءها إليه.

وقد اختار الرسول:= لمادة (الحب) دون سواها , ليؤكد وجوب الإخلاص في العبادة , وفي طاعة الله وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام , ضرورة أن القلب – وهو مقر العقيدة – وموطن الإيمان , وهو وحده مركز الحب ومصدره , وبهذا وذاك يستطيع أن يكون هو الموجه لنيات الإنسان وأعماله , وأن يحقق للعبادة ما يجعلها عبادة كاملة.

وقوله:=: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) الجمل بدل من ثلاث أو خبر لمحذوف , أي أحدهما كون الله .. وأفرد الضمير في (أحب) لأنه أفعل تفضيل متصل بمن فيفرد دائماَ , وثنى (سواهما) إشعاراَ بأن محبة الله ورسوله معاَ جزءَ لا يتجزأ من الإيمان، وأنه لا تكفي إحداهم عن الأخرى , فمن يدعي حب الله ولا يحب رسوله لا ينفعه ذلك.

http://file15.9q9q.net/img/75726271/----.gif (http://file15.9q9q.net/preview/75726271/----.gif.html)

ثم قال:=: (وأن يحب المرء لا يحبه لا يحبه إلاَّ في الله) بأسلوب القصر الإضافي (قصر الموصوف على الصفة) أي يحبه لله , لا لأجل مصلحة مال، أو أمر من أمور الدنيا وعرضها0

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير