تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهكذا يصور الرسول عليه الصلاة والسلام ثاني الصفات الثلاث من الحديث , وإن روعة هذا التصوير لتنجلي في إيثار البدء بحب الإنسان لأخيه , مع أن القصد إلى تخصيص الباعث على هذا الحب بأن يكون لله! إنه إقرار للواقع الذي لا يستغني عنه إنسان يعيش في مجتمع , ثم سمو بهذا الواقع بأن يجعله من عبادة وطاعة الله ورسوله.

ولقد كان ممكنا أن يقول الرسول:= في تقرير هذه الصفة مثلاَ: ألا يحب إنساناَ إلاّ لله , غير أن هذا التعبير ليس فيه ذلك الإقرار بالواقع , وليس فيه تلك الدعوة إلى أن يكون المؤمن محبا ومحبوباَ , لأن كل ما يفيده لا يعدو اشتراط أن يكون الحب لله .... أما التعبير البليغ الذي آثره الرسول فهو يسمو بالواقع , ولكن بعد أن يقره ... ويدعو إلى الحب , ولكن على

أن يكون لله!!

وقوله:=: (وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار) يبين الصفة الثالثة وهي تقوم على اعتزاز المسلم بدينه , وثبات العقيدة0

والتعبير بقوله (يكره) دلالة على أنه لا يمكن أن يقبل ترك دينه إلى الكفر إلاّ وهو يشعر بقبح عمله وشناعة جرمه وسوء مصيره.

والتعبير بقوله (يعود في الكفر) للدلالة على أن العودة: انتكاس في الحياة والعقيدة ورجوع عن الهدى إلى الضلالة , وبعد عن المحجة إلى السبيل الموحشة المهلكة.

وواضح أن هذا التعبير (يعود في الكفر) لا يعني قصر هذه الصفة على الذين أسلموا بعد أن كفروا , فإن المراد مطلق الكفر بعد مطلق الإيمان سواء أسبق هذا الإيمان كفر أم لم يسبقه ... والعودة هنا المراد بها مطلق الصيرورة إلى الكفر والاستقرار فيه , ومن ثم كانت تعدية الفعل بفي , ومن ثم تأمل هذا التشبيه الرائع البليغ ألست تجد صدى بلاغته في نفسك وذوقك؟! وأليس حقا مثل المؤمن الذي يكره أن يرتد عن دينه مثل الرجل الذي يكره أن يلقى في النار!!

وحذف المسند إليه في (يقذف) ألست تعلم سر بلاغته؟! وهذا الطباق تجده بين (يحب، ويكره) طباق جميل سليم لا تكلف فيه ولا لبس ولا غموض وتأملي صيغة الأفعال في هذا الحديث الشريف تجد أنها تدل على الاستمرار , أي استمرار حدث الفعل في المستقبل مثل:

(يحب) و (يكره) و (يقذف) و (يعود)

وهذه الأفعال المضارعة تدل على استمرار ثبات المؤمن الحق على عقيدته في كل وقت و في كل حال , لا يثنيه عنها وعيد ولا تهديد مهما يشتد ولا يحمله على التنكر لها إغراء مهما يكن , فهو يحب لله , ويكره لله , ويفضل أن يقذف في النار على أن يعود إلى الكفر بعد الإيمان00

وقد عبر بالفعل الماضي (وجد) لإفادة التحقيق والتأكيد , وهو وإن كانت صيغته صيغة الماضي إلاّ أنه يفيد تحقق الفعل في الماضي، والحاضر، والمستقبل بالشروط التي اشترطها رسول الله:= (ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون ... ) الخ.

http://file15.9q9q.net/img/75726271/----.gif (http://file15.9q9q.net/preview/75726271/----.gif.html)

والحديث بجملته - كما ترون - مال إلى جانب التصوير الفني الرائع في التعبير عن المعنى المقصود , لما في ذلك من: توضيح للمعنى، وتسهيل لإدراكه، وتقبل النفس، والقلب له , مع ترسيخه في العقل، والفكر، والخيال ...

فتأمل قوله (وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) إنها صورة مجسمة شاخصة رائعة , يتأملها الحس والعقل معاَ .. فتجعل خيالك يتأمل: صورة رجل قوي، ثابت كالطود الأشم، تعرض عليه شتى أنواع المغريات , ويهدد بكل وسائل التهديد بأن يلقى من شاهق في حفرة متأجّجة بالنيران , فيقبل على ذلك بنفس راضية مطمئنة , ويعرض عن كل ما يعرض عليه من شهوات الدنيا وملذاتها الفانية؟

ألستم ترون معي أن هذه الصورة الفنية التي رسمها هذا الحديث الشريف من أعظم الروائع البيانية التي يمتع القلب، والعقل معاَ دون أن يطغى جانب على آخر .. ؟! 0

منقول

بتصرف

ـ[أنوار]ــــــــ[24 - 11 - 2009, 01:39 م]ـ

سلمتِ عصيماء .. وهذا النقل الثّرِ

وفقكِ الله

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[24 - 11 - 2009, 01:42 م]ـ

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:

أختي الحبيبة .... العصيماء

جزاك الله خيرا .... على هذا الموضوع الجميل .... الغني بالمعلومات القيمة ... جعله الله في موازين حسناتك .... اللهم آمين

ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[25 - 11 - 2009, 09:58 ص]ـ

جزاك الله خيرا كثيرا على هذا النقل الرائع أختنا العصيماء.

ـ[العصيماء]ــــــــ[25 - 11 - 2009, 02:00 م]ـ

سلمك الله أختي الفاضلة أنوار ... أسعدني مرورك، رزقني الله وإياكِ حلاوة الإيمان 0

http://sub3.rofof.com/img3/011dgvqz25.gif (http://www.rofof.com)

ـ[العصيماء]ــــــــ[25 - 11 - 2009, 02:08 م]ـ

أختي الحبيبة زهرة متفائلة ...

أشكركِ على كلماتك العذبة فقد سعدت بها ...

رزقني الله وإياكِ حلاوة الإيمان 0

http://sub3.rofof.com/img3/011veouq25.gif (http://www.rofof.com)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير