تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(س) من المعلوم أن الأداة الأصلية للتمني هي (ليت) فلما لم تستعمل هنا واستعملت مكانها (هل) التي هي في الأصل للاستفهام؟

(جـ) من المعلوم أن التمني يكون في الشيء المحال الوقوع، بخلاف الاستفهام فإنه يكون في الشيء الممكن الوقوع، ولما كان خروجهم من النار طلب محبب إليهم مع أنه مستحيل الوقوع استعملا (هل) مكان (ليت) لتنزيل الأمر غير الممكن الحصول وهو (التمني) مكان الأمر الممكن الحصول وهو (الاستفهام) وذلك يجعل الأمر المستحيل (المتمني) في صورة الممكن الوقوع (الاستفهام) وذلك لإظهار كمال العناية به والرغبة في وقوعه 0

مثال 2ـ قال تعالى {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} يمتنع حمل هل هنا على معناها الأصلي وهو الاستفهام حيث يعلمون أنه لا شفيع لهم فتكون هل هنا خرجت إلى معنى التمني والسر في هذا العدول هو إظهار الأمر المستحيل (المتمني) في صورة الممكن الوقوع (الاستفهام) وذلك لإظهار كمال العناية به والرغبة في وقوعه 0

وهل هنا مستعملة في التمني مجازا على سبيل الاستعارة التبعية

مثال 3ـ قول المتنبي:

أَلاَ لَيتَ شِعري هَلْ أقُولُ قَصيدةً ... فَلاَ أَشْتكي فِيها وَلاَ أَتَعَتَّبُ

الشاعر في البيت يتمنى أن يقول قصيدة لا تحمل شكوى ولا عتاب في حين أن شعره كله مقسم بين الشكوى والعتاب 0

الشاهد في البيت (هَلْ أقُولُ قَصيدةً) حيث استعمل الشاعر هل هنا للتمني على سبيل الاستعارة التبعية، ولم يستعملها في معناها الحقيقي (الاستفهام)

2ـ لو

الاستعمال الأصلي لها هو الشرط وتحمل معنى الامتناع لأنها في الأصل حرف امتناع لامتناع

أي عندما نقول: لو ذاكر محمد لنجح تفيد أنه لم ينجح لأنه لم يذاكر فالنجاح أمتنع بسبب الامتناع عن المذاكرة

ولكن تخرج لو عن الشرط تستعمل في التمني على سبيل المجاز لغرض بلاغي وهوانها تزيد الشيء المتمني بعدا وتبين ما في النفس من لهفة ويأس

الدليل على استعمالها بمعنى التمني: هو نصب الفعل المضارع بـ (أن) المضمرة وجوبا بعد الفاء المسبوقة بها وهذا السياق لا يكون إلا إذا أفادت

التمني

الأمثلة

مثال 1ـ قول جرير

ولَّى الشَّبَابُ حَمِيدَةً أيَّامُهُ **** لَوْ كَان ذَلِكَ يُشْتَرَى أَوْ يَرْجِعُ

يتمنى الشاعر لو أنه يعود شبابه الذي ولى ولو كلفه ذلك أن يدفع أغلى ما يملك 0

الشاهد في البيت في أن الشاعر استعمل لو في التمني على سبيل المجاز بدلا من ليت وهذا ليدل على شدة تحسرة على ما مضى من شبابه ويدل أيضا على أن عودة الشباب مرة ثانية ليس مستحيلا فحسب بل إنه شديد الاستحالة 0

مثال 2 ـ قول صريعُ الغواني: واهاً لأيّام الصِّبا وزمانِه ... لو كان أسْعفَ بالمُقام قليلاَ

يتمنى صريعُ الغواني لو أسعفه الصبا فأقام معه قليلا وذلك بعد أن أنقضت أيام صباه وهذا أمر شديد المحال وفيه تحسر وجزع من الشاعر على تلك الأيام لذلك استعمل (لو) بدلا من (ليت)

مثال 3 ـ قال تعالى {َفلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}

يتمن الكفار العودة إلى الدنيا ليؤمنوا كما آمن المؤمنون حتى يدخلوا الجنة معهم في الآخرة، ولكن وهذا أمر شديد المحال وفيه تحسر وجزع منهم على ما فعلوه في دنياهم 0 لذلك استعمل (لو) بدلا من (ليت)

ومن هنا نلاحظ أن

لو تستعمل في التمني لتدل على زيادة المتمني بعدا، وتدل على التحسر واللهفة وهذا مالا تدل عليه ليت

س ما الفرق بين لو و هل في التمني؟

(لو) تأتى في الأمر الذي انقطعت معه كل الآمال في تحقيقه فعندما قال المشركون {َلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} لم يقولها إلا عندما تقطعت بهم الأسباب أي فقدوا كل أسباب النجاة من النار بل ورأوا العذاب ووقعوا فيه

والدليل عل ذلك قوله تعالى {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ 0 وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير