تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولذلك قال الحافظ في (التقريب): (صدوق فيه لين). فلا يحتج بما تفرد به. ثم إن الحديث قال الترمذي إنه: (حديث حسن وليس إسناده بمتصل وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى إنما عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهرا). قلت: فالإسناد ضعيف لانقطاعه وإنما حسن الترمذي حديثه لشواهده التي نحن بصدد ذكرها والله أعلم. وبعد كتابة ما تقدم وجدت لإبراهيم بن يوسف الكندي متابعا على ذكر الحمد فيه وهو عبد العزيز بن محمد الدراوردي فقال أبو العباس الثقفي: ثنا أبو رجاء: ثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز - هو ابن محمد - عن عبد الله بن حسن عن أمه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة ابنته رضي الله عنها: (إذا دخلت المسجد فقولي: بسم الله والحمد لله اللهم صل على محمد وسلم اللهم اغفر لي وسهل لي أبواب رحمتك. فإذا خرجت من المسجد فقولي كذلك إلا أنه قال: وسهل لي أبواب رزقك) (1). فقد تابعه عبد العزيز بن محمد وزاد عليه وعلى من سبق أنه جمع بين الحمد والتسمية وبين الصلاة والسلام وهذه مخالفة. (1) أورده ابن القيم في (جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام) (ص 52).

الثانية من الدراوردي وهو وإن كان ثقة واحتج به مسلم ففيه شيء قال في (التقريب): (صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ). فلا يحتج به أيضا إذا خالف الثقات مثل إسماعيل بن إبراهيم وهو ابن علية الثقة الحافظ. وقد أخطأ الدراوردي خطأ آخر حيث إنه جعل الحديث من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة بينما الحديث من روايتها عنه صلى الله عليه وسلم من فعله كما رواه سائر الرواة فتنبه. الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم). أخرجه ابن ماجه (1/ 260) والحاكم (1/ 207) وعنه البيهقي (2/ 442) وابن السني (ص 31 رقم 84) من طريق أبي بكر الحنفي: ثنا الضحاك بن عثمان: ثني سعيد المقبري عنه. وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين). ووافقه الذهبي. وليس كما قالا وإنما هو على شرط مسلم وحده فإن الضحاك بن عثمان لم يخرج له البخاري.

والحديث رواه ابن خزيمة أيضا وابن حبان في (صحيحهما) كما في (الجلاء) (ص 262) و (تفسير ابن كثير) (3/ 294) وعزاه الشوكاني في (تحفة الذاكرين) (ص 94) لمسلم وهو وهم منه أو سبق قلم وقال في (الزوائد): (إسناده صحيح رجاله ثقات). الرابع: عن أبي حميد أو عن أبي أسيد مرفوعا بلفظ: (إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك). أخرجه مسلم (2/ 155) والدارمي (2/ 293) والبيهقي (2/ 441) من طرق عن سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد أو عن أبي أسيد. وقد تابعه عبد العزيز الدراوردي عن ربيعة به على الشك. أخرجه أبو داود (1/ 76) والدارمي (1/ 324) والبيهقي. وعمارة بن غزية عند مسلم والبيهقي عن بشر بن مفضل عنه. وخالفه إسماعيل بن عياش بن عمارة بن غزية فقال: عن أبي حميد وحده. أخرجه ابن ماجه (1/ 259). وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين وهذه منها. وهو من الطريق الأولى عند النسائي (1/ 119) وأحمد (3/ 497 و5/ 425)

عن أبي عامر قال: ثنا سليمان بن بلال به إلا أنه قال: سمعت أبا حميد وأبا أسيد يقولان: فجمعهما معا. ولعل الرواية الأولى أقرب إلى الصواب وأولى لأن أكثر الرواة عن سليمان بن بلال عليها ولأنه قد تابعه الدرواردي عليها بدون خلاف عليه وليس كذلك الروايات الأخرى. والله أعلم. هذا وعند أبي داود وابن ماجه والدارمي في رواية والبيهقي زيادة: (فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم) في الدخول فقط. وكذلك رواه أبو عوانة في مسنده الصحيح (ج 1 ص 414) بنحو رواية أبي داود وزاد فيه: (وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم) كما في (نزل الأبرار) (ص 72). وعلى هذا فهو مثل حديث أبي هريرة تماما. وهما يفيدان وجوب هذا الذكر ولذلك قلنا: (وهذا الدعاء واجب لأمره عليه الصلاة والسلام به في قوله: (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم أجرني من الشيطان الرجيم). الحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه. وله شاهد من حديث أبي حميد أو أبي أسيد رضي الله عنه وقد سبق تخريجهما آنفا.

قال النووي في (شرح مسلم): (فيه استحباب هذا الذكر). قلت: القول: بالاستحباب فقط يحتاج إلى دليل يخرج الأمر المفيد بظاهره الوجوب إلى الاستحباب ولا دليل فيما علمنا. ولو كان هناك أي دليل لذكره النووي نفسه أو غيره ولذلك ذهب إلى وجوبه الإمام ابن حزم فقال في (المحلى) (4/ 60): (وواجب على من دخل المسجد أن يقول: اللهم افتح لي أبواب رحمتك فإذا خرج منه فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك. وهذا إنما هو من شروط دخول المسجد متى دخله لا من شروط الصلاة فصلاة من لم يقل ذلك جائزة وقد عصى في تركه قوله ما أمر به). ثم ساق الحديث من طريق مسلم عن أبي حميد أو أبي أسيد. ولم تقع في رواية مسلم: فليسلم. كما سبقت الإشارة إليه وكأن ابن حزم لم يقف عليها في الروايات الأخرى ولا على حديث أبي هريرة الذي فيه الزيادتان وإلا لذكرهما ولقال بوجوب السلام أيضا. ثم إن ظاهر الحديث يفيد وجوب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقط دون الصلاة عليه فإنها مستحبة لثبوتها من فعله عليه الصلاة والسلام كما سبق إلا أنه قد يقال: إن السلام فيه مجمل وقد بينه عليه الصلاة والسلام بفعله حيث كان يجمع بين الصلاة والسلام وذلك هو مقتضى قوله تعالى:

إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما

و لي عودة إن شاء الله على بعض ما جاء في الموضوع و نفعنا الله بعلمكم فلا تبخلوا علينا:)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير