تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعلماء يقبلون حديث من هو أدنى من عمر بن علي، فهذا الإمام الذهبي يقول: {وأما المجهولون من الرواة، فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم احتمل حديثه وتلقى بحسن الظن، إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ} (ديوان الضعفاء في خاتمة الكتاب ص 478 تحقيق حماد بن محمد الأنصاري). ويقول الإمام ابن كثير: {فأما المبهم الذي لم يسم، أو من سمي ولا تعرف عينه فهذا ممن لا يقبل روايته أحد علمناه. ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير، فإنه يستأنس بروايته، ويستضاء بها في مواطن. وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير} (راجع إختصار علوم الحديث لإبن كثير باب معرفة من تقبل روايته ومن لا تقبل وبيان الجرح والتعديل). قلت: دقق النظر في كلام الإمام ابن كثير بالنسبة إلى مجهول العين من التابعين. أما عمر بن علي فقد وثقه العجلي وابن حبان والحاكم وابن جرير والدارقطني ولم يجرحه أحد، فيقبل حديثه بالأولى، بل هو ثقة صحيح الحديث بلا شكّ كما قال الحافظ ابن حجر.

أما محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي (المتوفى 130 هـ) فهو من رجال الأربعة وصحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة (المسمى بـ " مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه صلى الله عليه وسلم من غير قطع في أثناء الإسناد ولا جرح في ناقلي الأخبار ") ووثقه ابن حبان وابن جرير والحاكم والدارقطني ولم يجرحه أحد وقد قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: " محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وثقه الدارقطني وغيره " كما مرّ. قال الإمام الذهبي فيه: " ثقة " (الكاشف ج 2 ص 205). وقد ترجم له في تاريخ الإسلام وقال: " من سادات بني هاشم روى عن أبيه ... " (تاريخ الإسلام ج 8 ص 531). وقال في ميزان الإعتدال (ج 3 ص 668): " أحد الأشراف بالمدينة ... ما علمت به بأساً ولا رأيت لهم فيه كلاماً ... ". والحافظ وإن قال في التقريب (ج 2 ص 117) بترجمة محمد بن عمر هذا: " صدوق "، لكنه قال في التلخيص (ج 5 ص 227) بعد أن ذكر حديثاً فيه محمد بن عمر بن علي: " رجاله ثقات ". ووافقه على ذلك الشيخ الألباني رحمه الله والشيخ شعيب الأرنؤوط والشيخ أحمد محمد شاكر كما عرفت.

فكيف يكون مجهولاً من روى عنه جمع من الثقات ووثقه هؤلاء الأئمة من كبار المتقدمين والمتأخرين، ثم هو من سادات بني هاشم والأشراف بالمدينة؟! نعم ابن القطان – وهو من المتأخرين - لا يعرف حاله فكان ماذا؟! وقد ذكر الحافظ ابن حجر والإمام الذهبي كلام ابن القطان في محمد بن عمر بن علي (راجع تهذيب التهذيب وميزان الإعتدال بذيل ترجمة محمد بن عمر بن علي) لكنهما لم يعتنا بذلك أصلاً وقد وثقا الرجل صريحاً. وهكذا الإمام ابن كثير قد وثقه، فإنه بعد أن ذكر حديثاً من مسند الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن محمد بن عمر بن علي عن علي قال: " إسناده رجال ثقات " (البداية والنهاية ج 5 ص 325).

ومنهج ابن القطان في تجهيل الرواة عجيب، بيّنه الإمام الذهبي فإنه بعد أن نقل كلام ابن القطان في أحد الرواة " لا يعرف له حال ولا يعرف " قال: " إن ابن القطان يتكلم في كل من لم يقل إمام عاصر ذاك الرجل أو أخذ عمن عاصره ما يدل على عدالته. وهذا شئ كثير، ففي الصحيحين من هذا النمط خلق كثير مستورون، ما ضعفهم أحد ولا هم بمجاهيل " (ميزان الإعتدال ج 1 ص 556). قلت: وهذا كلام صحيح، ففي الصحيحين خلق كثير مستورون على منهج ابن القطان، ولكن جلّ إعتماد علماء الجرح والتعديل من المتقدمين في التوثيق والجرح إنما كان على سبر حديث الراوي كما بينه الشيخ المعلمي في التنكيل. وابن القطان معروف بتوسعه في تجهيل الرواة وقد ردّ عليه أيضا الحافظ ابن حجر بقوله في ترجمة محمد بن نجيح السندي: " عده أبو الحسين بن القطان فيمن لا يعرف وذلك قصور منه، فلا تغتر به، وقد أكثر من وصف جماعة من المشهورين بذلك، وتبعه إلى مثل ذلك أبو محمد بن حزم، ولو قالا: لا نعرفه لكان أولى لهما " (تهذيب التهذيب ج 9 ص 431).

والعلماء يقبلون حديث من هو أدنى من محمد بن عمر بن علي، فهذا الإمام الذهبي يقول في الموقظة: " من لم يوثق ولا ضعف، فإن خرج حديث هذا في الصحيحين فهو موثق بذلك، وإن صحح له مثل الترمذي وابن خزيمة فجيد أيضاً، وإن صحح له كالدارقطني والحاكم فأقل أحواله: حسن حديثه ". قلت: محمد بن عمر بن علي لم يجرحه أحد وقد صحح له ابن خزيمة وابن حبان وابن جرير والحاكم وهذا كله بغض النظر عن توثيق الدارقطني وابن حبان وغيرهما إياه.

فحديث علي – حسب علمي القاصر وكما قال الشيخ الألباني رحمه الله - رجاله ثقات غير كثير بن زيد، فهو مختلف فيه، وغاية ما فيه أن حديثه ينحط من درجة الصحة إلى درجة الحسن عند بعض العلماء أو يبقى في مرتبة الصحة لأن معدليه أكثر وأعلى مقاماً من جارحيه الذين جاؤوا بجرح مبهم غير مفسر، والله أعلم.

وللحديث شواهد أخرى بألفاظ مشابهة، إسناد بعضها صحيح أو حسن كما ذكرت في مشاركتي السابقة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير