ـ من قال: لابد أن مدلس تدليس التسوية يصرح في كل طبقات السند؟
ـ كيف نضعفه، وقد حسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة والحاكم؟ فنحتاج لحكم إمام معتبر.
ـ[أبو عبدالله بن جفيل العنزي]ــــــــ[10 - 07 - 10, 03:58 ص]ـ
أخي الكريم:
ـ لو تنزلنا وقلنا: مبارك لابد أن يصرح، فقد صرح عند الحاكم وغيره.
ـ لو سلمنا وقلنا: يدلس تدليس التسوية، فهذا خاص بالحسن.
ـ من قال: لابد أن مدلس تدليس التسوية يصرح في كل طبقات السند؟
ـ كيف نضعفه، وقد حسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة والحاكم؟ فنحتاج لحكم إمام معتبر.
أما النقطة الأولى وهي تصريحه عند الحاكم فإنه من طريق مؤمل بن إسماعيل عن المبارك بن فضالة.
وقد خالف مؤمل في لفظه وفي إسناده؛ فأخرج الحاكم (1/ 141) من طريق محمود بن غيلان ثنا المؤمل ثنا المبارك بن فضالة ثنا عبيد الله بن أبي بكر عن جده أنس بن مالك قال قال رسول الله يقول الله عز وجل أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرة من الإيمان اخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله أو ذكرني أو خافني في مقام.
فزاد في اللفظ ونقل عن المبارك التصريح بالتحديث.
ومؤمل على جلالته وصلابته في السنة الا أنه كثير الوهم والخطأ؛ قال أبو حاتم: صدوق، شديد فى السنة، كثير الخطأ.
و قال الساجى: صدوق كثير الخطأ، و له أوهام يطول ذكرها.
و قال ابن سعد: ثقة كثير الغلط.
و قال ابن قانع: صالح يخطىء.
و قال الدارقطنى: ثقة كثير الخطأ.
و قال محمد بن نصر المروزى: المؤمل إذا انفرد بحديث وجب أن يتوقف و (يتثبت) فيه، لأنه كان سيىء الحفظ كثير الغلط.
بل قال فيه البخاري: منكر الحديث.
و قال يعقوب بن سفيان: مؤمل أبو عبد الرحمن، شيخ جليل سنى، سمعت سليمان بن حرب يحسن الثناء، كان مشيختنا يوصون به، إلا أن حديثه لا يشبه حديث أصحابه، و قد يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه، فإنه يروى المناكير عن ثقات شيوخه، و هذا أشد، فلو كانت هذه المناكير عن الضعفاء لكنا نجعل له عذرا. إنتهى كلام يعقوب.
فلا يمكن والحال هذه قبول نقله في تصريح المبارك بالتحديث، فلا تغفل عن ذلك.
وأما الثانية وهي قولك: لو سلمنا وقلنا: يدلس تدليس التسوية، فهذا خاص بالحسن.
أقول هذا التخصيص ما مستنده؟! ومن قاله؟!
بل لو قيل إنما تدليسه عمن سوى الحسن لكان أقرب؛ فإنه ممن أطال ملازمة الحسن؛ فقد قال مبارك بن فضالة نفسه: جالست الحسن ثلاث عشرة سنة يقرأ القرآن من أوله إلى آخره يفسره على الإثبات (التريخ الأوسط للبخاري) (2/ 156).
ولعلك أخطأت فهم كلام الحافظ ابن حجر في (تعريف اهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس) (ص 43) حينما قال:" مبارك بن فضالة البصري مشهور بالتدليس وصفه به الدارقطني وغيره، وقد أكثر عن الحسن البصري " إهـ أي: وقد أكثر الرواية عن الحسن.
فتوهمت أن الحافظ قصد أنه أكثر التدليس عن الحسن، وإنما مراده ما ذكرت لك.
ثم لو كان ما توهمته صحيحًا فليس فيه حصر بالحسن وإنما فيه الإخبار بالإكثار، وفرقٌ بين الأمرين.
فتبقى المطالبة بمن خصّ تدليسه بالحسن، ولست أظنك واجدًا ذلك.
فهو ــ أعني طريق الحاكم ــ منكر، أو على أقل الأحوال شاذّ.
وأما الثالثة: وهي قولك: من قال: لابد أن مدلس تدليس التسوية يصرح في كل طبقات السند.
فكأنك لا تعلم تدليس التسوية؟!
قال الحافظ العراقي في (التعليق والإيضاح على مقدمة ابن الصلاح) (ص 95 - 96):" ترك المصنف رحمه الله قسما ثالثا من أنواع التدليس وهو شر الأقسام وهو الذى يسمونه تدليس التسوية وقد سماه بذلك أبو الحسن بن القطان وغيره من أهل هذا الشأن وصورة هذا القسم من التدليس أن يجئ المدلس إلى حديث سمعه من شيخ ثقة وقد سمعه ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة فيعمل المدلس الذى سمع الحديث من الثقة الأول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثانى بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه فلا يظهر حينئذ فى الإسناد ما يقتضى عدم قوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل ".
فتدليس التسوية لا يختص بشيخ الراوي بل قد يحذف المدلّس من السند شيخ شيخه أو من فوقه إذا كان ضعيفًا ويعنعن السند، لذلك كان لا بدّ من تصريحه بالتحديث في كافة طبقات السند ليؤمن بذلك تسويته.
وأما الرابعة: وهي قولك: كيف نضعفه، وقد حسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة والحاكم؟
فهذه أهونها.
أما الترمذي فلم يحسنه فحسب؛ بل قال: حسن غريب. فكان لابد أن تذكر ذلك، وليس هذا بمنزلة قوله: حسن.
وأما الحاكم فأمره أشهر من أن أذكره حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية فيه: ليس فيمن يصحح الحديث أضعف من تصحيحه.
بل قد يصحح أحاديث قد قال هو نفسه عن بعض رواتها أنه يضع الحديث؟!!
بل نقل شيخ الإسلام عن أئمة العلم بالحديث أنهم قالوا: إن الحاكم يصحح أحاديث وهي موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث. أنظر (الرد على البكري) (ص 59 ,ص 263).
وأما ابن خزيمة فلم يصححه، وإنما ذكره في كتاب التوحيد بدون تصحيح، فمن أين هذا النقل؟!
ثم أخيرًا: العبرة في هذا الباب وأمثالة بالحجة، فمن جاء بحجة على التضعيف فقوله المعتبر.
¥