تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وهذا إقرار منه بنكارة هذا الإسناد، لأن المقرر عند المتأخرين - والذين يجري الألباني في مضمارهم - أن: تفرد الضعيف نكارة لا يحتمل، فكيف والمتفرد هنا متروك عنده، والمقرر عندهم: أن المنكر لا يعضد به.

فكيف يجعل مثل هذا السند المنكر عاضدا أو شاهدا؟!

تاسعاً: قال الألباني: وخالفه في إسناده الحسن بن أبي جعفر, فقال: عن أبي جعفر الأنصاري (و هو عمير بن يزيد) عن الحارث بن فضيل عن عبد الرحمن بن أبي قراد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يوما .. الحديث. أخرجه ابن منده (2/ 21 / 1) و كذا أبو نعيم في " فوائد ميمونة " كما في " الإصابة ".

قلت: فاختلف عبيد بن واقد، والحسن بن أبي جعفر في إسناده.

فالأول سمى الصحابي أبا قراد , و الراوي عنه عبد الرحمن بن الحارث.

و الآخر عن الحارث بن فضيل عن عبد الرحمن بن أبي قراد , فسماه عبد الرحمن بن أبي قراد , و هو ضعيف أيضا أعني الحسن بن أبي جعفر , ولذلك لا يمكن ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى. أهـ.

قلت: هو كما قال، وهذا اضطراب يضاف إلى أصل السند قبله، فيكون السند منكرا من وجه، مضطربا من آخر.

فكيف يجعل المنكر المضطرب شاهدا، لا والله ما على هذا جرى صنيع أئمة هذا الشأن، فتدبر فإن هذا مذهب جديد في المتابعات والشواهد مخترع لا اعلم للشيخ الألباني فيه سلفاً من المتأخرين ممن يعتد به كالمزي وابن كثير والعلائي والعراقي وابن حجر والسخاوي ومن حذا حذوهم، فضلا عن المتقدمين.

عاشراً: قال الألباني: وبالجملة, فالحديث عندي حسن على الأقل بمجموع هذه الطرق. والله أعلم. أهـ.

قلت: قد تبين لك بحمد الله ما في هذا التحسين من نظر، وانه لا يغتر بمثل هذا إلا من تعصب للشيخ الألباني، أو جهول بعلم أصول الحديث.

هذا والحديث محفوظ عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في حديث صلح الحديبية الطويل، وفيه: وما تنخم النبي صلى الله عليه و سلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ... الحديث. أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.

وليس في الحديث هذه الزيادة المنكرة. (فلما رآهم يصنعون ذلك سألهم: لم تفعلون هذا ? قالوا: نلتمس الطهور والبركة بذلك , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان منكم يحب أن يحبه الله ورسوله فليصدق الحديث, و ليؤد الأمانة و لا يؤذ جاره ").

وبه تعرف أن أصل الحديث واحد، وهذا منهج ماضٍ لأئمة الحديث المتقدمين، يُعِلُّونَ الرواية المنكرة، بالثابتة المحفوظة.

فإذا عرفت هذا تبين لك أن الحديث ليس محفوظا بهذا اللفظ، ولا من وجه غير الذي روي في الصحيحين، وان أسانيد هذه الرواية: إما مدارها على وضاع، أو منكرة، أو مضطربة، أو مرسلة شاذة مخالفة للمحفوظ.

فائدة: لا بد من التنبه لما يحققه الشيخ الألباني (رحمه الله) فإنه كثيرا ما يُؤْتَى من جهة (العلل) و (المتابعات والشواهد)، وقد تتبعته كثيرا فرأيته يزلق كثيرا في هذا، ولهذا أمثلة يكثر إيرادها ليس هذا موضع بيانها، ومن نظر في (الصحيحة) وجد مصداق ما قلت، فالله يغفر لنا وله.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير