494. كسَلَم وعقد الاستصناعِ حِلهما فرَّج للصنّاع
495. والاجتهاد لاستخراج علةْ ثلاثة تعالج الأدلَّةْ
496. تحقيقٍ أو تخريجٍ أو تنقيحِ مناطِ حكمٍ عنَّ للترجيحِ
497. مفهومٌ لقبٌ كذا بصفةِ وعددٍ بشرطه لغايةِ
المقصود هنا بالاجتهاد هو استفراغ المجتهد وسعه في التعرف على العلة، وليس التعرض هنا لتعريف الاجتهاد العام ومباحثه فذلك يأتي -بإذن الله- في مظانه عند الحديث عن القسم الرابع من أبواب الأصول وهو الاجتهاد والتقليد.
ويسلك الأصولي لتحديد العلة الملحقة للفرع بالأصل ثلاثة مسالك جاء ذكرها في البيت الثاني وهي تحقيق المناط و تنقيح المناط وتخريج المناط والمراد بالترجيح هنا معرفة أقرب الأوجه في اعتبار العلة، والمناط مصدر ميمي يقصد منه هنا علة الحكم ولما ربط الحكم بها سميت مناطا له، ويعني الأصوليون بتحقيقه أي المناط: إقامة الدليل على أن العلة المتفق عليها موجودة ومتحققة في الفرع كوجودها وتحققها في الأصل كتحقق علة الإسكار في الخمر وهو أصل وتحققها في الحشيش وهو فرع، وكتحقق علة الطعم والكيل في القمح وهو أصل مقاس عليه كتحققها في الذرة وهو فرع مقاس، وكعلة التشويش التي تحصل للقاضي هي متحققة إجماعا بالغضب وهو أصل كذالك هي متحققة بالجوع والتعب الشديد وهو فرع، وكعلة التطواف من الهرة وهي أصل متحققة في الفأرة وهي فرع، وتأمل هنا قوله -صلى الله عليه وسلم-:"إنها من الطوافين عليكم والطوافات" وما فيه من الإعجاز في تعبيره عن هذه المخلوقات بجمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم الدالين على جماعة العقلاء، وصدق الله العظيم اللطيف الخبير:"وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم" ومع أن الإنسان مكرم بكونه حيوانا ناطقا إلا أن لتلك المخلوقات إدراكات وأفعالا هداها الله لها:"ولكن لا تفقهون تسبيحهم"، " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"
ثم تنقيح المناط وهو بذل المجتهد غاية الوسع في تعيين العلة من بين الأوصاف التي أناط الشارع الحكم بها إذا ثبت ذلك بنص أو إجماع، مثاله: هل العلة في إيجاب الكفارة على من جامع في نهار رمضان عمدا هي الجماع نفسه كما يقول الشافعية والحنابلة أم هي انتهاك حرمة الصوم بتعمد الفطر فتجب بتعمد الأكل والشرب في نهار الصوم كما هو قول الأحناف والمالكية، وهل يخرّج على إلزام الرجل الكفارة كما في هذا المثال وجوبها على المرأة خلاف بين الشافعية الذين يقصرونها على الرجل والأحناف الذين يوجبونه أي الكفارة على الرجل والمرأة جميعا.
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[30 - 08 - 10, 04:38 ص]ـ
498. وحددن لغاية بـ"حتى" كذا "إلى" كما بصوم حتى
ذكر في هذا البيت أشهر حرفين للغاية وهما حتى وإلى، ولأن لهما معاني أخرى في اللغة فيمكنك معرفة اختصاصهما بالغاية في كلام العرب عموما بأن تجعل مكان كل واحدة منهما كلمة "لغاية" فإن استقام معك معنى الغاية كانت دالة عليها، ومن الأمثلة عليهما في القرآن في موضع واحد قوله –تعال- في آية الصوم من سورة البقرة:"فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل" فحتى و إلى في الآية للغاية كما في قوله –سبحانه-:"حتى مطلع الفجر"، وقد تكون حتى لغير الغاية كالابتداء كما في قوله تعالى:"حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت" في معاني أخرى نظمها بعضهم بقوله:
حتى تكون حرف جر يا فتى وحرف نصب للمضارع أتى
وحرف غاية وحرف الابتداء .... الخ
499. وهو حجة لدى الجمهور مسائل شرعية بغير
500. ترغيب او ترهيب او تنفير او بدليل خص لو نقير
501. كتضعيف الربا وقتل النفس منفرا مساويا للنفس
ذكر في البيت الأول أن مفهوم المخالفة يحتج به لدى جمهور العلماء في المسائل الشرعية خلافا للحنفية كما سيأتي، وفي البيت الثاني بين أن الجمهور اشترطوا لإعمال دليل المخالفة أمرين: الأول ألا يكون للقيد الذي قيد به الكلام فائدة أخرى كالترغيب والترهيب والتنفير، والأمر الثاني: ألا يوجد دليل خاص في المحل الذي يثبت فيه مفهوم المخالفة مهما قل الوصف أو الاستدلال، وفي البيت الثالث مثل للأمر لأول بالربا المضاعف كما في قوله –تعالى-:"يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة" ومفهوم المخالفة هنا يلزم منه حل الربا إذا لم يكن أضعافا مضاعفة وهذا وإن قيل بأنه كان في مرحلة من مراحل التشريع ثم نسخ إلا أنه وصف لما كان حاصلا وقت التنزيل فلا مفهوم له وهذا هو المقصود هنا لأن المراد بالقيد هنا التنفير والزجر عن أكل الربا المعلوم بالفطرة فساده وإفساده لحياة الناس ومعاشهم، ومثال ما فيه نص خاص يلغي مفهوم المخالفة قوله -جل شأنه-:"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى" فقد أجمعوا على أن ذكرا لو قتل أنثى يقتل بها لدليل خاص هنا وهو قوله تعالى:"وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس"
502. وستة الأعيان لا زكاةَ فيها لظاهرية بتاتاَ
503. ليس لمفهوم كذا الأحنافِ معلوفة بالنص لا الخلافِ
يشير هنا إلى أن حصر الزكاة في الأصناف الستة التي جاء بها الحديث وعدم إيجاب الزكاة فيما سواها عند الظاهرية ليس من باب إخراجها بمفهوم المخالفة بل لأنهم لا يأخذون بالقياس كما هو معروف، وكذالك ليس من باب مفهوم المخالفة عدم إيجاب الزكاة في المعلوفة عند الأحناف بل لدليل خاص فيها لأن الحنفية لا يقولون بمفهوم المخالفة في المسائل الشرعية وإن اتفقوا مع الجمهور على اعتباره في المعاملات تيسيرا على الأمة.
¥