في البيتين إشارة إلى أقسام النص من حيث الثبوت والدلالة وهي أربعة: أولها: أن يكون النص قطعي الثبوت قطعي الدلالة ومنه قول ربنا تبارك وتعالى:"قل هو الله أحد"
والقسم الثاني:أن يكون النص قطعي الثبوت كالقرآن الكريم أو الحديث المتواتر ولكن دلالته ظنية كما سبق التمثيل له، والقسم الثالث: أن يكون النص ظني الثبوت كحديث الآحاد ولكنه قطعي الدلالة كقوله –صلى الله عليه وسلم-:"الجهاد باق إلى قيام الساعة"، ثم القسم الرابع وهو أن يكون النص ظني الثبوت وظني الدلالة كذلك ومثاله حديث:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"
543. والأمر لا يشترط استعلاءَ أو العلو كلنا سواءَ
جمهور الأصوليين لا يشترطون الاستعلاء ولا العلو في صيغة الأمر وقد تقدم التنبيه على هذه المسألة عن تعريف الإيجاب، وإن كان ورد اشتراط الاستعلاء عن بعض الأئمة كالرازي والآمدي واشتراط العلو معه هو قول المعتزلة واستدل الجمهور بقوله تعالى حكاية عن فرعون:"فماذا تأمرون".
544. والمنع قول طالب للترك وخبر للصدق أو للإفك
في البيت تعريفان الأول هو تعريف المنع وهو في اللغة القطع وفي اصطلاح الأصوليين هو القول الطالب للترك، والتعريف الثاني الذي يشير إلي الشطر الأخير من البيت هو تعريف الخبر وهو في اللغة من قولهم الأرض الخبارة وهي الأرض الرخوة لأن الخبر يثير العلم والفائدة كما تثار الأرض الخبارة، والخبر في الاصطلاح قول يحتمل الصدق والكذب لذاته لأن من الكلام ما لا يحتمل إلا الصدق ككلام الله "ومن أصدق من الله قيلا" ومنه ما لا يحتمل إلا الكذب كقول مسيلمة إنه نبي ومنه ما يحتمل الكذب و الصدق كسائر كلام الناس.
545. ينقسم "لِ" أو "إلى" سيان كلاهما في القسم تتبعان
هذه فائدة أوردها الشارح بمناسبة تكرار المصنف لقوله ينقسم "لـ" وتارة يقول ينقسم "إلى" فبين جواز إطلاق الحرفين واستعمال المصنفين لهما.
546. ومسنَدٌ ومسنِدٌ وسندُ ومرسل إسناده مبدد
في صدر البيت خمس اصطلاحات يحسن إيرادها عند حديث الأصولي عن النص بقسمه الثاني وهو الحديث وهي المسند بالفتح هو الحديث الذي اتصلت سلسلة الرجال الموصلة لمتنه من أوله إلى منتهاه، كما أن المسند بالفتح يطلق أيضا ويراد به المصنف الذي جمعت فيه أحاديث كل راو على حدة كمسند الإمام أحمد، والمسند بالكسر هو من يروي الحديث بالإسناد، والسند الإسناد هو الطريق الموصل للمتن، والإسناد كذالك يطلق ويراد به رفع الحديث إلى قائله.
وأما عجز البيت فيشير إلى أن المرسل عند الأصوليين يطلق إطلاقا أعم مما هو عليه عند المحدثين فحين يصطلح أهل الحديث على تعريف المرسل بأنه الساقط منه الصحابي يطلقه الأصوليون على كل حديث تبدد إسناده وأقصد به هنا جميع ما ينتاب الإسناد من العضل وهو سقوط راويين متتابعين من الإسناد سواء من ابتداء السند من قبل المصنف ويصح أن يطلق علي بأنه نوع من المعلق أو كان معلقا وهو ما سقط من سنده من جهة المصنف واحد أو أكثر أو كان في السند انقطاع كالموقوف والمقطوع والمنقطع وغيرها فكل ذلك يطلق عليه عند الأصوليين مصطلح المرسل، وقد تقدم للشيخ توضيح الاحتجاج به عند جمهور العلماء وأن الشافعي رضي الله عنه وعنهم يشترط فيه شروطا إضافية مشددة.
وإلى بعض تلك المصطلحات المتعلقة بالإسناد عند المحدثين يشير البيقوني في منظومته بقوله:
ومرسل منه الصحابي سقط وقل غريب ما روى راو فقط
وما أضيف للبني المرفوع وما لتابع هو المقطوع
وما أضفته إلى الأصحاب من قول وفعل فهو موقوف زكن
والمعضل الساقط منه اثنان وما أتى مدلسا نوعان
..... الخ
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[30 - 08 - 10, 04:50 ص]ـ
547. صحابي قد لقيَ النبياَّ ومات مؤمنا به صفياَّ
548. عن نفسه أو غيره أو تابع كذا اشتهار وتواتر فعي
هذا هو التعريف المعتبر للصحابي وهو كل من لقي النبي مؤمنا به ومات على ذلك، وتثبت الصحبة بالأمور المذكورة في البيت الثاني وهي إخبار الصحابي عن نفسه بأنه من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أو إخبار واحد من الصحابة عنه بالصحبة أو إخبار أحد التابعين الثقات بصحبته أو تعلم صحبته بطريق التواتر وهو أعلاها كصحبة الخلفاء الراشدين الأربعة أو بالاشتهار وهو دون التواتر وأعلى من بقية الثلاثة الآنفة والتي سقتها على الترتيب فينبغي إتباعها لها في الرتبة فتنبه.
¥