? قلنا: تعقبهما العلامة الفقيه المحدث المحقق المدقق جهبذ العصر غير منازع الدكتور هاشم جميل فقال – حفظه الله -: ((اعتراض التحرير هذا من العجب العجاب، فالحافظ: لم يصرح في مقدمة التقريب أن قاعدته توثيق المخضرمين، ثم حتى لو صرح بهذا فهو ليس بحاجة إلى هذه القاعدة لكي يحكم بتوثيق كعب الأحبار، فالرجل قد روى عنه جملة من الصحابة منهم ابن عباس المعروف بتحريه لمن يروي عنهم، وروى عنه جملة من ثقات التابعين، ومنهم: سعيد بن المسيب المعروف بتحريه لمن يروي عنهم. وأيضاً فإن ثبوت العدالة لا تحتاج إلى أن ينص عليها معدل عند جملة من العلماء، وحتى الذين اشترطوا التنصيص عليها من واحد أو أكثر فهم إنما اشترطوا ذلك في غير المشهورين أما من اشتهرت عدالته بين أهل العلم، وشاع الثناء عليه فهذا يكفي في ثبوت عدالته من غير حاجة إلى معدل ينص عليها. (تدريب الراوي 1/ 301).
وشهرة الرجل بين أهل العلم لا تحتاج إلى دليل، ورواية هذا العدد عنه من الصحابة والتابعين أكبر دليل على ذلك، ويكفي أن أبا الدرداء ? - على جلالة قدره ومكانته في الإسلام حتى لقب (حكيم الأمة). (تذكرة الحفاظ 1/ 24) - قد قال في كعب: ((إن عنده علماً كثيراً)) (طبقات ابن سعد 7/ 446، وفتح الباري شرح صحيح البخاري 13/ 413).
وأما عن النص على توثيق كعب فقد وثقه ابن حبان، ونقل النووي الاتفاق على توثيقه، فقال فيه: ((اتفقوا على كثرة علمه وتوثيقه)). (تهذيب الأسماء واللغات 2/ 68 – 69). فهل يحتاج الحافظ بعد ذلك إلى القاعدة المذكورة لكي يحكم بتوثيق كعب؟
وأما القول: بأنه لم يخرج له في الصحيحين فنحن لو تركنا قول الذهبي: ((له شيء في صحيح البخاري وغيره)) (تذكرة الحفاظ 1/ 52). وقول الحافظ: له في مسلم رواية لأبي هريرة عنه.
أقول: لو تركنا هذا فهنا نسأل: هل قال أحد بأن من شرط الحكم بتوثيق الراوي أن يكون له حديث في الصحيحين؟ نعم ربما يؤخذ عليه كثرة حديثه عن أهل الكتاب، وربما هذا هو الذي جعل الكذابين يضعون عليه، لكن عدم الحديث عن أهل الكتاب ليس من شرائط الحكم بالتوثيق، وليس من شرطه أيضاً عدم كذب الكذابين عليه، بل على العكس من ذلك فإن الكذابين يتحرون الثقات فينسبون الحديث إليهم ليروجوا كذبهم)). (مدرسة الحديث في اليمن ص 244 – 245)
ـ[ماهر]ــــــــ[02 - 09 - 02, 03:53 م]ـ
271 – (1781 تحرير) داود بن خالد الليثيُّ، أبو سليمان العطار، مدني أو مكي: صدوق، من السابعة، ويقال: هو الذي قبله. س.
تعقباه بقولهما: ((بل: مستور روى عنه ثلاثة، ولم يوثقه سوى ابن حبان. وقال يحيى بن معين: لا أعرفه. وقال الذهبي في " الميزان ": لا يكاد يُعرف. أخرج له النسائي حديثاً واحداً في القضاء من " سننه الكبرى " عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ?: ((من جُعِلَ قاضياً فقد ذبح بغير سكين)).
? قلنا: هذا كلام من لم يجرِ بحثاً، أو يحرك ساكناً، فلنا عليهما فيه انتقادات:
الأول: لقد تناقضا تناقضاً عجيباً، فقد قالا في مقدمتهما (1/ 33): ((إذا ذكره ابن حبان وحده في الثقات وروى عنه ثلاثة فهو مقبول في المتابعات والشواهد)).
هكذا شرطا، ولم يفيا بما ألزما به نفسيهما، فقد حكما عليه بأنه مستور ونصا على أنه روى عنه ثلاثة.
الثاني: قد ذكرا أنه روى عنه ثلاثة، وعمدتهم في ذلك: (تهذيب الكمال 8/ 384)، فقد ذكر المزي في الرواة عنه: ((معلى بن منصور الرازي، ويحيى بن عبد الحميد الحمّاني، ويحيى بن قزعة الحجازي)).
هكذا اعتمدا على المزي، ولم يحررا ولم يبحثا حتى وقعا في البلاء، فإن لداود هذا راوياً رابعاً وهو: ((محمد بن معن الغفاري)) ذكره ابن عدي في الكامل (3/ 563 و 564) فعلى هذا يكون قد روى عنه أربعة رواة.
وقد قال المحرران في مقدمتهما (1/ 33 – 34): ((إذا ذكره ابن حبان وحده في الثقات، وروى عنه أربعة فأكثر فهو: صدوق حسن الحديث)).
فعلى هذا لا خلاف بين حكم الحافظ وحكم المحررين، غير أنا لا نسلم أن ليس له سوى ثلاثة رواة أو أربعة فقد قال ابن حبان في الثقات (6/ 285): ((روى عنه أهل بلده)) وهي تفيد الكثرة.
الثالث: ثم إنهما أهملا قول ابن عدي إذ قال في الكامل (3/ 564): ((أرجو أنه لا بأس به))، ومعلوم أن ((صدوق)) و ((لا بأس به)): سيان، ولكنَّ التعجل أداهما إلى إهمال هذا القول.
الرابع: ثم إن الحديث الذي أشارا إليه: ((حديث صحيح))، قد توبع فيه المترجم متابعات: ((تامة)) و ((نازلة)).
فقد تابعه متابعة تامة عدد من الرواة، وهم:
1 – عبد الله بن سعيد، عند أحمد (2/ 230)، وعند السهمي في تاريخ جرجان (ص 101).
2 – وعثمان بن محمد، عند أحمد (2/ 365)، وابن ماجه رقم (2308)، وابن أبي شيبة (7/ 238)، وفي طبعة الحوت (22987). والنسائي في الكبرى (5924) و (5925)، والدارقطني (4/ 204) والحاكم (4/ 91)، والبيهقي (10/ 96).
3 – عمرو بن أبي عمرو، عند أبي داود رقم (3571)، والترمذي (1325)، والبيهقي (10/ 96)، والدار قطني (4/ 204).
4 – داود بن خالد، عند النسائي في الكبرى رقم (2923).
فهؤلاء أربعتهم رووه عن المقبري، فتابعوا خالداً متابعة تامة.
وقد توبع متابعة نازلة:
فقد رواه الدارقطني (4/ 202) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة.
ورواه أبو يعلى (5866) من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.
فنقول بعد للمحررين: من روى حديثاً واحداً صحيحاً وتوبع عليه، وقد ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 285)، وقال فيه ابن عدي: ((لا بأس به)) كيف ينزل إلى ما أنزلتماه إليه؟
إن هذا لشيء عجيب وغريب.
¥